في اليوم العالمي للتوحد: دراسات تشير لعلاجات جديدة تمنحنا الأمل في الشفاء

في اليوم العالمي للتوحد: دراسات تشير لعلاجات جديدة تمنحنا الأمل في الشفاء
في اليوم العالمي للتوحد: دراسات تشير لعلاجات جديدة تمنحنا الأمل في الشفاء

تتباينُ قدراتُ الأشخاصِ المصابين بالتوحُّد واحتياجاتهم، ويمكن أن تتطوَّر مع مرورِ الوقت، إذ قد يتمكَّنُ بعض المصابين بهذا المرضِ من التمتُّع بحياةٍ مستقلَّةٍ، في حين يعاني آخرون من إعاقاتٍ، ويحتاجون إلى الرعايةِ والدعمِ مدى الحياة. وغالباً ما يؤثِّرُ التوحُّد في التعليمِ وفرصِ العمل، كذلك قد يزدادُ عبء تقديمِ الرعايةِ والدعمِ على كاهل الأسر. من جانب آخر، تمنحنا الدراسات والأبحاث التي تقوم بها الجهات المختصة أملًا جديداً بالتعافي، وإيجاد بصيصِ أملٍ للشفاءِ التامِّ من التوحّدِ.. «سيدتي» في اليوم العالمي للتوحّد، تلتقي بالمختصّين في مجالِ التوحّد، وتعرِضُ آخرَ الدّراساتِ التي توصَّلَ إليها العلمُ.
 

بيروت : عفت شهاب الدين
جدة: يسرا فيصل


ألين كرم: نعتمد علاج الـ ABA الأول في العالم العربي

 

ألين كرم


 


بدايةً، أشارت لـ «سيدتي» ألين كرم، رئيسةُ الجمعيَّة اللبنانيَّة للتوحُّد Lebanese Autism Society، إلى أنّ السيدة أروى الأمين حلاوي، رئيسةُ الجمعيَّة السابقة، التي توفيت قبل عامٍ، استطاعت التعرُّفَ على عددٍ من الأمهاتِ اللاتي عِشن التجربة ذاتها، واختبرن التحدِّياتِ نفسها التي واجهتها إثرَ تشخيصِ ابنِها باضطراب التوحُّد، وعن ذلك قالت: «جمعت المحنةُ المشتركةُ هؤلاء الأمهاتِ، وتحوَّلت لقاءاتهنّ إلى منصَّةٍ لتبادلِ التجارب، والبوحِ بالهواجسِ والمخاوفِ التي راودتهنّ في مختلفِ المراحل، بدءاً بالإنكارِ، مروراً بالكآبةِ، ووصولاً إلى مرحلةِ التصالحِ مع حالة أبنائهن. وإيماناً منهنّ بأنّ الكشفَ عن اختلاجاتِ النفس، يريحُ الإنسانَ، ويزيلُ نصفَ الهمومِ عن كاهله، تعاونت الأمّهاتُ مع متخصِّصين لإنشاء جمعيةٍ، تُعنى بحالة التوحُّد، فأبصرت الجمعيَّةُ اللبنانيَّةُ للتوحُّد النورَ في مارس من العام 1999 من أجل توفيرِ الدعمِ والخدماتِ للأطفال المصابين بالتوحُّد، ونشرِ التوعيةِ حول المشكلاتِ المرتبطة بهذا الاضطراب، والطريقةِ المثلى لمقاربتها».


وذكرت: «تضمُّ الجمعيَّةُ اليوم 69 تلميذاً، و30 مربياً متخصِّصاً في فرعيها، وتقومُ رسالتنا على الدفاعِ عن حقوقِ الأشخاصِ الذين يعانون من التوحُّد، وتأمينِ أفضل برامجِ الدمجِ الاجتماعي والمهني لهم، وعليه ينخرطُ كلُّ تلميذٍ لدينا في نمطِ الحياةِ الدراسيَّة الاعتياديَّة، ويستفيدُ من جلساتٍ في العلاجِ النفسي الحركي، وعلاجِ النطق، كما يرافقه إلى الصفِّ مرافقُ الدمجِ الذي يساعده في القيام بنشاطاتٍ محدَّدةٍ وتعديلها حسب قدراته». مضيفةً: «عام 2023، تخرَّج أوَّلُ تلميذٍ عندنا في الصفِّ الثالثِ الثانوي، وتوجَّه إلى الجامعةِ، وتخصَّص في إدارةِ الأعمال»، لافتةً إلى أن «الجمعيَّة تهدفُ إلى دمجِ الشبابِ في الحياةِ الاجتماعيَّة والمهنيَّة، وتدريبهم ليصبحوا أعضاءً فاعلين في المجتمعِ، كلٌّ حسب قدراته وطاقاته، كما نقدِّمُ برنامجَ تأهيلٍ تربوياً فردياً، يستهدفُ إكسابهم مهاراتٍ معرفيَّةً أكاديميَّةً واجتماعيَّةً».


وحول تعريفِ المرضِ، أجابت كرم: «التوحُّد اضطرابٌ في النموِّ، يعيقُ الطفلَ عن التعبيرِ والتواصلِ الاجتماعي مع محيطه، وتظهرُ عوارضه في الأعوامِ الثلاثةِ الأولى نتيجةَ اضطرابٍ في الجهازِ العصبي، ما يؤثِّرُ في العملِ الطبيعي للدماغ، إضافةً إلى العواملِ الجينيَّة والبيئيَّة. والتوحُّد درجاتٌ، ويمكنُ أن تختلفَ عوارضه من طفلٍ لآخر، وتتراوحُ درجاته بين الخفيفِ والمتوسطِ والشديد». مبينةً أن «الجمعيَّة، وهي الوحيدةُ في العالم العربي، تدرِّبُ موظفيها على برامجَ مُعتمدةٍ، تُعنى بشؤونِ التوحُّد مثل ABA Therapy، وهو علاجٌ لسلوكياتِ مريضِ التوحُّد، وآخرُ ما توصَّل إليه العلمُ في هذا المجال».


وأوضحت كرم، أن «تحليل السلوكِ التطبيقي، أو الـ ABA، هو النهجُ الرائدُ لتحسين التأخُّر في النموِّ المرتبطِ بالتوحُّد، ومن المحتملِ أن يؤدّي العلاجُ به إلى تحسينِ نوعيَّةِ حياةِ الطفل، ومساعدته في الوصول إلى إمكاناته الكاملة».


وعن أسبابِ الإصابةِ بالمرض، أفادت بأن «السبب الأساس وراء الإصابةِ بالتوحُّدِ، وهو خللٌ على مستوى التواصلِ الاجتماعي والتفاعلِ مع المحيطِ والآخرين، لا يزالُ مجهولاً حتى اليوم، لكنَّ العواملَ، التي يُعتقدُ أنها تعزِّزُ ظهورَ عوارضه، ترتبطُ ببعض التشوُّهاتِ الجينيَّة، أو التأثيراتِ البيئيَّة التي تعيقُ الوظيفةَ الطبيعيَّةَ للدماغ».


وأضافت كرم: «تتنوَّعُ حالاتُ التوحُّد، وقد تتراوحُ الأعراضُ بين الخفيفةِ والخطيرةِ، أمَّا المصابون، فيختلفون بشكلٍ كبيرٍ من حيث الشخصيَّة والقدرات، لكنَّ العوارضَ التي يتمُّ ملاحظتها فيهم، تشملُ سلوكياتٍ نمطيَّةً ومتكرِّرةً، والتأخُّرَ في النطق، وضعفَ اللغة، إضافةً إلى العزلةِ عن المحيطِ والنشاطاتِ الاجتماعيَّة، مع مقاومةٍ شديدةٍ للمس، وتجنُّب النظرِ إلى الآخرين، وغيرها الكثير».


وتطرَّقت إلى جانبٍ مهمٍّ، وهو الشفاءُ من المرضِب القول: «لا يمكنُ الشفاءُ نهائياً من اضطراب التوحُّد، لكنْ يمكنُ تحقيقُ خطواتٍ كبيرةٍ في التخفيفِ والسيطرةِ على حدَّته، وتعليم الشخصِ الذي يعاني منه بعض المهاراتِ الأساسيَّة التي تمكِّنه من الاعتمادِ على نفسه، وتحقيقِ نوعٍ من الاستقلاليَّة إذا ما تمَّ التشخيصُ والتدخُّلُ مبكراً».


وكشفت عن أن «الجمعيَّة نظَّمت معرضاً فريداً من نوعه بالتعاونِ مع منصَّةِ Kreative Call أو النداء الإبداعي، للمرَّةِ الأولى في لبنان والشرق الأوسط، وسلَّطت الضوءَ على مواهبِ فنانين مبدعين من ذوي الاحتياجات الخاصَّة، وساعدتهم في الاندماجِ أكثر بالمجتمع، وتعزيزِ قدراتهم الإبداعيَّة في الرسمِ والنحت».


وقالت كرم: «نفَّذنا في النداء الإبداعي كثيراً من ورشِ العملِ بمختلفِ المناطق اللبنانيَّة مع فنانين من أصحابِ الهممِ تحت إشراف معلِّمي فنونٍ وفنانين مشهورين، وأثمرت هذه الورشُ عن أعمالٍ فنيَّةٍ رائعةٍ وممتازةٍ، حفَّزتنا على تنظيمِ معرضٍ يحتويها لتأمين مردودٍ مالي للمصابين بالتوحُّد، يساعدهم قليلاً في الاعتمادِ على أنفسهم، والعيشِ من عائداتِ أعمالهم الفنيَّة التي باتت موجودةً في عددٍ من الدولِ مثل الإمارات العربيَّة المتحدة».


وشدَّدت على أنه «من المهمِّ تشخيصُ التوحُّد في مرحلةٍ مبكِّرةٍ من أجل تخفيفِ الأعراض، وتحسينِ جودةِ الحياةِ للمريض وعائلته، وقد ثبت أنه مع التشخيصِ المبكِّر، يمكنُ أن يحدثَ تحسُّنٌ كبيرٌ في الأعراضِ المرافقة للمرض»، وذكرت «يعاني مريض التوحُّد من مشكلاتٍ في الكلامِ والتواصلِ الاجتماعي، وغالباً ما تصبحُ الأعراضُ أقلَّ حدَّةً في الكبر، لكنَّ المريضَ يظلّ في حاجةٍ للدعم والعناية، خاصَّةً أن احتياجاته قد تتبدَّلُ مع تقدُّمه في السنّ، وتغيُّر شدّة الأعراض، ومن المفيدِ أن نعرفَ، أنه لا يوجدُ علاجٌ دوائي للمرض، لذا يستمرُّ التوحُّد مدى الحياة».

 


زينة بستاني: التدخُّل المبكِّر أفضل فرصةٍ لدعم التنمية الصحيَّة

 

 

زينة بستاني


 


من جهتها، تحدَّثت زينة بستاني، مديرةُ الجمعيَّة اللبنانيَّة للتوحُّد، عن البرامجِ والنشاطاتِ التي يقدِّمونها بالقول: «تحقيقاً لمهمتها، تحرصُ الجمعيَّةُ اللبنانيَّةُ للتوحُّد منذ تأسيسها على تصميمِ برامجَ، ترتكزُ على تحسينِ مهاراتِ التواصل والتفاعل الاجتماعي، والمهاراتِ الإدراكيَّةِ للطفل الذي يعاني من التوحُّد بغية تسهيلِ دمجه وانخراطه في المحيطِ الاجتماعي والتربوي الطبيعي». مضيفةً: «تقومُ الجمعيَّة حالياً بتلبيةِ حاجاتِ الأطفال الذين يعانون من التوحُّد من خلال مشروعِ CCA، الذي يتمُّ تطبيقه بمدرسةِ القلب الأقدس في الجميزة، وهو عبارةٌ عن صفوفٍ متخصِّصةٍ، تقدِّمُ برنامجاً فردياً، يتناسبُ مع الاحتياجاتِ والقدراتِ الخاصَّةِ بكلِّ طفلٍ بمساعدة فريقٍ متعدِّدِ الاختصاص، يشملُ اختصاصيين في علاجِ النطق، والعلاجِ النفسي الحركي، والتربيةِ التقويميَّة، إضافةً إلى مدرِّسي ظلٍّ، مهمتهم متابعةُ التلاميذ الذين يعانون من التوحُّد داخل الصفِّ، ومساعدتهم على المشاركةِ في النشاطات، والانخراطِ جزئياً أو كلياً في نمطِ الحياةِ الدراسيَّة الاعتياديَّة».


وذكرت: «تنظِّمُ الجمعيَّةُ أيضاً مجموعاتِ دعمٍ شهريَّةً لتعزيزِ التواصلِ بين الأهل، ومساعدتهم على تقبُّل حالةِ أبنائهم، كما تُعنى بتدريب جمعياتِ توحُّدٍ محليَّةٍ وإقليميَّةٍ، وتحرصُ على إقامة ندواتٍ ومؤتمراتٍ، تتناولُ هذا الاضطرابَ وسُبل مقاربته».


وعن إحصاءاتِ المصابين، أجابت بستاني: «يعاني طفلٌ من كل 100 طفلٍ من التوحُّد، وتتباين قدراتُ الأشخاصِ المصابين به واحتياجاتهم، ويمكنُ أن تتطوَّر مع مرورِ الوقت، وقد يتمكَّن بعض المصابين بالتوحُّد من التمتُّع بحياةٍ مستقلَّةٍ»، مضيفةً: «يمكنُ أن تحسِّن التدخُّلاتُ النفسيَّةُ والاجتماعيَّةُ مهاراتِ التواصلِ والسلوكِ الاجتماعي، إلى جانبِ تأثيرها الإيجابي في صحةِ المصابين بالتوحُّد، والحالةِ النفسيَّة للقائمين على رعايتهم، ونوعيَّة حياتهم. ومن الضروري، أن تكون الرعايةُ التي تستهدف المصابين بالمرض مصحوبةً بإجراءاتٍ اجتماعيَّةٍ ومجتمعيَّةٍ لمزيدٍ من التيسير والشمول والدعم».


وذكرت مديرةُ الجمعيَّة، أن «تقرير الأممِ المتحدةِ في اليوم العالمي للتوحُّد 2023، بيَّن أن التوحُّد حالةٌ عصبيَّةٌ، تظهرُ خلال مرحلةِ الطفولة المبكِّرة، وتستمرُّ مدى الحياةِ بغضِّ النظرِ عن الجنسِ، أو العرقِ، أو الحالتَين الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة، ويتمُّ الاحتفالُ به في جميعِ أنحاءِ العالم خلال شهر أبريل من كلِّ عامٍ، إذ تجتمعُ منظّماتُ التوحُّد معاً من أجل إجراءِ الأبحاثِ، والتشخيصات، والعلاج لأولئك الذين لديهم مسارُ نموٍّ متأثرٌ بالتوحُّد». مضيفةً: «وفقاً لمنظمةِ الصحة العالميَّة، يشكِّلُ اضطرابُ طيف التوحُّد مجموعةً متنوِّعةً من الحالاتِ المتعلِّقة بتطوُّر الدماغ، وغالباً ما يعاني المصابون بالمرضِ من حالاتٍ متزامنةٍ، بما في ذلك الصرعُ، والاكتئابُ، والقلقُ، واضطرابُ نقص الانتباه، وفرطُ النشاط، إضافةً إلى سلوكياتٍ صعبةٍ مثل صعوبةِ النوم، وإيذاءِ النفس، كذلك يختلفُ مستوى الأداء الفكري بين المصابين بالتوحُّد بشكلٍ كبيرٍ، ويمتدُّ من ضعفٍ شديدٍ إلى مستوياتٍ أعلى».


ولفتت بستاني إلى أن «كلّ الدراسات أجمعت على أن التدخُّل المبكِّر، يمكنُ أن يحسِّنَ التعلُّمَ، والتواصلَ، والمهاراتِ الاجتماعيَّة للمصاب بطيف التوحُّد، وكذلك في نموِّ الدماغ الأساسي، كما يوفِّرُ أفضل فرصةٍ لدعمِ التنميةِ الصحيَّة، ويقدِّمُ فوائدَطول العمر».


ما رأيك بالاطلاع على كيف يمكن للحيوانات الأليفة مساعدة الأطفال المصابين بالتوحد؟

 

 

"أزاحمُ مواقعَ التواصل بأشكالٍ أكثر تنوُّعاً وأعلى مصداقيَّةً في محاكاةِ الجسد البشري"
زينة بستاني

 

التدخُّل المبكِّر، يمكنُ أن يحسِّنَ التعلُّمَ، والتواصلَ، والمهاراتِ الاجتماعيَّة للمصاب بطيف التوحُّد
 


قاسم العسيري: التوحّد تكون أعراضه واضحة في الأعوام الثلاثة الأولى


يشيرُ المستشار التربوي والنفسي قاسم عيسى العسيري إلى أن التوحُّد، يبدأ في الظهورِ خلال الأعوامِ الثلاثةِ الأولى من عمر الطفل، وتكون أعراضه واضحةً تماماً في الأشهر الـ 30، حيث يبدأ في تطويرِ سلوكياتٍ شاذةٍ، وأنماطٍ متكرِّرةٍ، مع الانطواءِ على الذات.


وبيّن أن مصطلحُ التوحُّد، هو ترجمةٌ للكلمةِ الإغريقيَّة autos، أي الذات «الأنا»، وتشيرُ إلى الانطواءِ والتوحُّد مع الذات. وقد استعمل بلولير إيجون، وهو عالمٌ وطبيبٌ سويسري، وُلِدَ في زيورخ (1857-1939)، مفهومَ السلوكِ التوحُّدي للمرَّة الأولى عام 1911، بوصفه دلالةً على الانفصامِ الشخصي على الرغمِ من الاختلافاتِ الشديدةِ بين الاضطرابين. بينما يعدُّ الدكتور ليو كانر أوَّل مَن وصف اضطرابات التوحُّد عام 1943 م.

 


التوحُّد الطفولي.. تصحيح المفاهيم الخاطئة


يشير عسيري إلى وجود العديد من الدراسات الخاصة بالتوحد حول العالم، وتبرزُ ضمن الدراساتِ المهمَّةِ بحثٌ، أجره فريقٌ سعودي برئاسة الدكتورة صفية حامد محمد الحازمي، التي تحمل شهادة الدكتوراه في علوم الأحياء بتخصُّصٍ دقيقٍ في علم الوراثةِ الطبيَّة من جامعة نوتنجهام البريطانيَّة، وتعملُ أستاذةً مساعدةً في كليَّة العلوم بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة بالمملكةِ العربيَّةِ السعوديَّة، ونُشرت نتائجه في العدد الـ 15 من المجلةِ الدوليَّة «علم الصيدلة الجيني والطب الشخصي» عام 2022، وفحصوا خلاله المتغيِّراتِ متعدِّدة الأرقام والنسخَ المتكرِّرة CNVs في «الكروموسوم 22» لدى أطفالٍ سعوديين مصابين بالتوحُّد، إضافةً إلى الجيناتِ المرشَّحةِ في مناطق CNV التي يمكن أن تكون مرتبطةً بالمرض. وكان الغرضُ من الدراسةِ تحديدُ الطفراتِ الجينيَّة المهمَّة في تلك المناطق.


كذلك أظهرت دراسةٌ ميدانيَّةٌ لقسمِ الأطفال بكليَّة الطبِّ في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، أن النساء اللاتي تتعدّى أعمارهنّ الـ 30، كنّ أكثر معرفةً ودرايةً بأمراضِ اضطراب التوحُّد، وأكثر تفاؤلاً من الذكور فيما يخصُّ مستقبلَ الأطفالِ بالعمل، في حين ربط كثيرٌ من الذكورِ مرضَ التوحُّد بالتخلُّف العقلي!


وهدفت الدراسةُ إلى تصحيحِ كثيرٍ من سوءِ الفهم، والانطباعاتِ الخاطئةِ عن التوحُّد في مجتمعنا، إذ يتمُّ ربطه بالتخلُّفِ العقلي، أو أساليبِ التربية، أو المؤثِّراتِ الخارجيَّة في كثيرٍ من الأحيان!


ما رأيك بالتعرف على كيفية التعامل مع سلوكيات الطفل التوحدي

 

 

 

 

نسبة المصابين بالتوحُّد


المساعدة والدعم يلزمان بشدة


كشفت دراسةٌ حديثةٌ عن أن المصابين بالتوحُّد،ينخفضُ متوسطُ أعمارهم المتوقَّع مقارنةً مع نظرائهم الأصحَّاء، وهذا لا يعودُ لإصابتهم بالاضطرابِ فقط، بل ولأنهم يعانون أيضاً من عدمِ المساواةِ الصحيَّة، ولا يتلقُّون المساعدةَ والدعمَ اللازمين.


وأجرى الدراسةَ باحثون من كليَّةِ لندن الجامعيَّة في بريطانيا، ونُشرت نتائجها في مجلةِ The Lancet Regional Health، نوفمبر من العامِ الفائت. واستخدم الفريقُ البحثي البياناتِ الصحيَّةَ المتوفِّرةَ عن المرضى الذين شُخِّصوا بالتوحُّد من عامِ 1989 حتى 2019، وشملت 17 ألف شخصٍ، أصيبوا بالمرضِ دون صعوباتٍ في التعلُّم، وما يزيدُ عن ستة آلافٍ، عانوا من التوحُّد المصحوبِ بصعوباتٍ في التعلُّم، بعد ذلك تمَّت مقارنةُ المرضى بأشخاصٍ أصحَّاء من الجنس والعمر نفسهما. ووجد الباحثون، أنّ الرجالَ المصابين بالتوحُّد دون صعوباتِ تعلُّمٍ، يعيشون بالمتوسط نحو 74.6 عام، بينما تعيشُ النساء من الفئة ذاتها نحو 76.8 عام. في المقابل، فإنَّ متوسطَ عمرِ الرجالِ المصابين بالتوحُّد المصحوب بصعوباتِ تعلُّمٍ، يصلُ إلى نحو71.7 عام، في حين تعيشُ النساء من هذه الفئة ما معدله 69.6 عام.


وجرت مقارنةُ هذه النتائجِ بالأعمارِ المتوقَّعة للرجالِ والنساءِ الأصحَّاء الذين يعيشون في بريطانيا، حيث إنَّ العمرَ المتوقَّعَ للرجالِ الأصحَّاء نحو 80 عاماً، بينما تعيشُ النساءُ بالمتوسط 83 عاماً. هذا، وقد أكدت دراسةٌ حديثةٌ، أجراها «معهدُ قطر لبحوث الطب الحيوي» التابعُ لجامعةِ حمد بن خليفة، أواخرَ عام 2023، خطأ المعتقداتِ الشائعةِ بشأن زواجِ الأقارب، وارتباطه باضطراباتِ طيف التوحُّد.


وذكرت الدراسةُ، التي نُشرت في مجلةِ «التوحُّد واضطرابات النمو»، استناداً إلى بياناتٍ من دولةِ قطر، أن لا علاقةَ بين هذا المرضِ وزواجِ الأقارب، عكس ما أظهرته دراساتٌ سابقةٌ، أشارت إلى وجودِ صلةٍ محتملةٍ بينهما.


وشارك في البحثِ علماءٌ من مؤسَّسةِ كليفلاند كلينك الطبيَّة، وجامعة أوريجون للصحة والعلوم الأمريكيَّة، وحلَّلوا معلوماتٍ من السجلِ الوطني القطري، والمسحِ السكاني لاضطراب التوحُّد. وقام الدكتور فؤاد الشعبان، من مركز بحوث الاضطرابات العصبيَّة في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، وفريقه بفحصِ 891 طفلاً، سواءً من المصابين باضطرابِ طيف التوحُّد أو الأصحَّاء، واكتشفوا عدمَ وجودِ ارتباطٍ كبيرٍ بين قرابةِ الوالدين وخطرِالإصابة بالتوحُّد.


وتتناقضُ نتائجُ هذا البحث، الذي يستندُ إلى عيِّنةٍ كبيرةٍ ومنهجياتِ بحثٍ قويَّةٍ، مع نتائجِ دراساتٍ سابقةٍ بشأنِ زواجِ الأقارب بوصفه أحدَ العوامل المسبِّبةِ للإصابة بالتوحُّد. ويتحدَّى هذا الاكتشافُ السرديَّةَ الحاليَّة، ويؤكدُ الحاجةَ إلى مزيدٍ من البحثِ لفهم العوامل المعقَّدةِ التي تسهمُ في انتشارِاضطراباتِ طيف التوحُّد.


كيفيَّة تطور التوحُّد


استطاع هؤلاء العلماءُ فهمَ كيفيَّةِ تطوُّرِ اضطراباتٍ مثل التوحُّد والفصامِ لدى الأطفال، ما يفتحُ البابَ أمام علاجاتٍ جديدةٍ محتملةٍ. وقد تمَّ ربطُ الالتهابِ في الدماغِ خلال مرحلةِ الطفولةِ المبكِّرة في السابق بمرضِ التوحُّد والفصام، لكنَّ الآلياتِ الكامنةَ وراء هذا الارتباطِ لم تكن واضحةً، ما جعل الباحثين يحدِّدون كيف يمكن لهذا الالتهابِ أن يؤثِّر في خلايا الدماغِ البشريَّة وتطوُّرها، الأمرُ الذي يوفِّرُ آليَّةً محتملةً لهذا الارتباط. ومع نتائجِ الدراساتِ الجديدة، تجدَّدت الآمالُ في إمكانيَّةِ شفاءِ هؤلاء الأطفال، خاصَّةً الذين يتمتَّعون بقدرٍ أكبر من التواصلِ الاجتماعي، ما يتطلَّبُ مجهوداً كبيراً لتطويرِ أساليب العلاج، فمن حقِّ طفلِ التوحُّد أن يعيش حياةً طيبةً مثل أقرانه، وهذا دورنا جميعاً ودورُ المجتمعِ بأن نساعدهم في التغلُّبِ على التوحُّد، وإثباتِ تميُّزهم في الحياة.


هل قرأت عن الفرق بين متلازمة أسبرجر والتوحد.. اكتشفيه باكراً من حياة طفلك

 

 

 

 

 


ما اكتشفه الباحثون أخيراً.. أمل الشفاء


كشفَ باحثون من مستشفى الأطفال المرضى الكندي عن جيناتٍ جديدةٍ، وتغيُّراتٍ جينيَّةٍ، ترتبطُ باضطرابات أطيافِ التوحُّد. ووفَّرت دراستهم فهماً أفضلَ للهيكليَّةِ الجينيَّةِ التي تقفُ وراءَ هذه الاضطرابات، حيث لاحظَ الدكتور بريت تروست، الباحثُ الرئيسُ في الدراسةِ والباحثُ المشاركُ في برنامجِ الوراثة والجينات البيولوجيَّة بمستشفى الأطفال، أن استخدامَ التسلسلِ الجيني الكامل، سمحَ للباحثين بالكشفِ عن تغيُّراتٍ غير معروفةٍ، لن تتمَّ ملاحظتها في أحوالٍ أخرى.


في حين توصَّلت أحدثُ دراسةٍ، نُشرت في مجلة الرابطة الطبيَّة الأمريكيَّة لطب الأطفال JAMA Pediatrics إلى احتماليَّة اختفاءِ أعراضِ مرض التوحُّد autism في الأطفالِ المصابين به بعد علاجهم مبكِّراً.


وأوضحت الدراسةُ، أن أولئك الذين تمَّ تشخيصهم بطيف التوحُّد ASD في مرحلةِ الطفولةِ المبكِّرة، ليس بالضرورةِ أن يستمرُّوا مرضى طوال حياتهم.


وذكر باحثون من مستشفى بوسطن في الولايات المتحدة، أن الدراسةَ، كانت نتيجةَ أوراقٍ بحثيَّةٍ سابقةٍ، ونظرياتٍ علميَّةٍ، أشارت إلى إمكانيَّةِ أن يلعب العلاجُ السلوكي الإدراكي المبكِّرُ دوراً كبيراً في تطوُّرِ المرض، وربما الشفاءِ منه بشكلٍ كاملٍ، وهو الأمرُ الذي حدث بالفعلِ في الدراسةِ الحاليَّة، إذ وُجِدَ أن نسبةً كبيرةً، بلغت نحو 37% من الأطفال الذين تمَّ تشخيصهم بالتوحُّد في مرحلةِ ما قبل إجرائها، لم تنطبق عليهم أعراضُ المرضِ بعد أن أكملوا عامهم السادس.


طرق العلاج

 

  • تشجيعُ التفاعلِ الاجتماعي: من المهمِّ جداً تشجيعُالطفلِ على المشاركةِ في الأنشطةِ الاجتماعيَّة،والتفاعلِ مع الأطفالِ الآخرين وأفرادِ الأسرة.
  • الأنشطة البدنيَّة: دفعُ الطفلِ للانخراط في الألعاب البدنيَّة والرياضيَّة، إذ تساعدُ في تعزيزِالتنسيقِ الحركي والتفاعلِ الاجتماعي.
  • التدخُّلات التربويَّة والسلوكيَّة: التدريبُ السلوكي،والبرامجُ التعليميَّةُ، يمكنُ أن تكون مفيدةً، إذ تركزُعلى تحسينِ مهاراتِ التواصل والتفاعل الاجتماعي.
  • الروتين اليومي والثابت: توفيرُ جدولٍ يومي منتظمٍ،يسهمُ في خلق بيئةٍ مستقرَّةٍ ومتوقَّعةٍ للطفل.
  • العلاجات التكميليَّة: بعض الأسرِ تجدُ العلاجاتِالتكميليَّةَ مثل العلاجِ بالموسيقى، والعلاجِ الفني، والعلاجِ الحسِّي مفيدةً في تحسينِ التواصل والسلوكيات.
  • دعم الأسرة والتدريب: يشكِّلُ دعمُ الأسرةِ عنصراًحاسماً في العلاج، وقد يشملُ التدريبَ على استراتيجياتِ الإدارةِ السلوكيَّة والدعمِ العاطفي.
  • استشارة متخصِّصين: من المهمِّ التشاورُ مع متخصِّصين في مجالِ الصحةِ النفسيَّة أو التطوُّريَّة للحصولِ على تقييمٍ دقيقٍ، وخطةِ علاجٍمخصَّصةٍ.


يمكنك أيضًا الاطلاع على أعمال فنية تناولت مرض التوحد وكيفية التعامل معه