السعادة تبدأ بعد الستين!

هل تفكرين في المستقبل؟ هل تراودك أحلام عن حياتك القادمة وأيامك المستقبلية؟ أم أنك ترين أن ذلك بعيد عنك، ولا داعي للحديث عنه؟

العلماء والمختصون يقدمون من خلال الدراسة التالية بشرى سارة لكل من تقدم عمره، مؤكدين أن أكثر الناس سعادة هم من تتراوح أعمارهم بين 60 و80 عامًا، أي من تخلصوا من هموم العمل ومتاعب الأبناء..

 

بهذه الدراسة تتغير وجهة نظر من كان يعتقد أن السعادة تكمن في سن الشباب والنضج، وتوصلت هذه الدراسة -التي كشف عنها المتخصصون أثناء انعقاد المؤتمر العالمي السنوي السابع للباحثين في مجال الطب النفسي ـ إلى أن الأكبر سنًّا عادة ما يكونون قادرين على التأقلم والتصالح مع بيئتهم، وأن المشاعر السلبية تتراجع مع تقدم العمر لتظهر المشاعر الإيجابية تجاه المحيطين من الأبناء والأحفاد، بما فيها من ضبط للعواطف بشكل إنساني إيجابي.

الدكتور «تامر جمال»، الاختصاصي النفسي بمركز إشراق للاستشارات النفسية والتربوية وعضو الجمعية العالمية للطب النفسي، يرى أن مرحلة الشيخوخة بها الكثير من المتناقضات؛ فرغم السن الكبيرة إلا أن سماتها أشبه بعلامات سن المراهقة، حيثُ نجد الكبير في السن يغضب سريعًا ويفرح سريعًا، إلى جانب بعض الاضطرابات التي تصادفه مثل النسيان أو سقوط بعض أو كل الأسنان، وكذلك صعوبة في الرؤية أو صعوبة في السمع أو النوم.

وبشكل عام لا تشكل هذه الشريحة من الناس ـ رجالاً أو نساءً- أي متاعب بين المجتمع، وداخل عيادات الطب النفسي، حيثُ يمثلون ما بين 3 % و %4 فقط من بين المترددين على العيادات أو حتى داخل جدران البيوت.

 

الحياة الهادئة

ويتفق الدكتور تامر مع هذه الدراسة، مؤكدًا أن الرجال والنساء في هذه الفترة العمرية بين 60 و80 عامًا يعيشون حياتهم بسعادة وبهدوء في معظم الأحوال؛ فهم يشعرون بأنهم أنهوا رسالتهم في رعاية الأبناء وتعليمهم حتى أصبحوا مسؤولين عن أسرهم، وكل ما يسعدهم هو رؤية الأحفاد ومتابعة نموهم وتحركاتهم، فيُسرون كثيرًا لنجاحهم وينشغلون بأحوالهم وما دون ذلك فالحياة هادئة، فالمرأة تشعر بتصالح مع نفسها بعد حالة الصخب التي كانت تعيشها من قبل، ويقل معها الإحساس بالمشاعر السلبية، فالرجل مثلاً يشعر بإتمام دوره، ويرغب في الإحساس بهدوء حقيقي في انتظار الوصول إلى المحطة الأخيرة من قطار الحياة.

ويضيف الدكتور تامر: «حتى في حالة انشغالهم ببعض الأمور والمشاكل، سواء بسبب الأبناء أو المحيطين، فهذا يكون له التأثير الإيجابي؛ فالانشغال ببعض الأمور الهامة يكون له فائدة، يشعر معها الشخص بأن دوره لم ينته، حتى وإن كانت مثل هذه المشاكل هي مصدر ألم لأي من المحيطين، فهو يجد من خلالها الفرصة للمساعدة وتخفيف الألم عن الجميع.

 

احذري هؤلاء

الدكتور سعد عبد اللطيف، أستاذ الكيمياء الحيوية، يرى أنه مع دوران الزمن تتغير الكيمياء الإنسانية بداخلهم، فمنهم من يتقبل هذا التغيير بسهولة، ومنهم من يرفض تلك التغيرات بشدة، ومن هنا تتولد الصراعات الداخلية، ويذكر بعض الأمثلة:

فنجد امرأة تتحايل على عمرها بوضع مزيد من مستحضرات التجميل، أو ارتداء ملابس لا تتناسب مع عمرها الفعلي، وكل ذلك يزيد من سخط من حولها! أو من نجدها تبحث عن الزواج من جديد، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل نجدها تدخل في زيجات فاشلة وتدعي سوء الحظ.

ونجد في المقابل رجلاً متمردًا يرفض الاعتراف بعمره الحقيقي، يؤرقه بشدة ظهور بعض الشعيرات البيضاء في رأسه، يرتدي ألوانًا غير مناسبة لعمره، وقد يخضع لعمليات تجميل متلاحقة أملاً في أن تعيده إلى عمره الأول، ومرات نراه يرفض مشاركة أبنائه وأحفاده، ويشعر أنه منفصل عنهم بشبابه الوهمي الذي يحاول أن يتخيله.

 

لك وله

ينصح الدكتور الطرفين المرأة والرجل بأن يستعدا معًا لبداية هذه المرحلة العمرية الجديدة، لتكون أسعد حالاً، وأهم إرشاداته هي:

- حافظا على الصحة النفسية ومحاولة التخلص من كل الهموم التي تعكر الإحساس بالسعادة، حتى تتحول إلى عادة يعتادها الإنسان مما يفيده في مرحلة تقدم العمر.

- مارسا الرياضة البدنية وحافظا على الوزن المثالي.

- احرصا على الكشف الدوري والتقليل من الدهون في الأطعمة، ومنع التدخين.

- ابحثا عن هواية ومحاولة تنميتها لتصبح عادة ونيسة في مرحلة تقدم العمر.

- تقبلا الذات مهما كانت عيوبها، وذلك من شأنه أن يرفع من حالة التأقلم بعد الستين، فهذا التقبل يساعد الآخرين على تقبل سلبياتكما.

- ارفعا حالة الرضا وتقبل الآخرين.

- قويا النواحي الإيمانية بلطف حتى تكون لديكما مناعة ضد تقلبات الزمن.

 

مقارنة

يعقد الدكتور تامر مقارنة بين اختلاف الأحاسيس والتعاملات في فترة النضج والشباب، أي ما قبل الستين وما بعد الستين:

- الطموح: يكون في أعلى حالاته عند مرحلة الشباب، بينما يكون في أقل حالاته بعد الستين.

- الرضا: أقل في مرحلة الشباب، أعلى بعد الستين.

- الإحباط: كثير عند الشباب أقل بعد الستين.

- الصداقة: لا وقت لها عند الشباب، بينما هي المتنفس الحقيقي لما بعد الستين.

- التأقلم: غير موجود عند الشباب، ويتوافر عند الستين تجاه الحياة والظروف المتغيرة.

- العمل: موجود لدى الشباب، وينتهي بعد الستين.

- التكافل: لا يحتاج له في مرحلة الشباب، ويحتاج له بعد الستين.

- الإيمان: الإقبال عليه يتزايد بعد الستين.

- الأنشطة: تبدأ بعد الستين في استعادة الهوايات الماضية في الزراعة أو تربية الحمام أو كتابة الشعر، وغيرها من الأنشطة التي تناساها وسط زحام العمل.

 

نتائج التمرد

خرج بها الدكتور تامر جمال عن الرجل فوق الستين عندما يتمرد على واقعه إن كل ذلك ما هو إلا مجرد حيل دفاعية بسبب إنكاره للواقع بشدة، وما يترتب عليه من نكوص للماضي ورجوع له، ويترتب على ذلك بعض الآثار، ويكون ترتيبها كالتالي:

- عدم القدرة على التأقلم.

- الصراع الداخلي.

- رفضه للعلاج وما يترتب عليه من بعض الآثار السلبية، خاصة إن كان لديه أي من الأمراض المزمنة.

- زيادة المشكلات الاجتماعية مع أبنائه وزوجته.

- يتحول بعد ذلك إلى شخصية كاريكاتيرية، ومصدر سخرية للجميع.

 

برأيكم، هل تؤيدون تحقيق السعادة بعد الـستين؟ وهل السعادة ترتبط بسن معيّن؟ وما هي أسباب السعادة بنظركم؟ شاركونا بأرائكم من خلال مساحة التعليقات..