مارسيل خليفة يستعرض تجربته مع درويش

4 صور
انتقال الأغنية العربية من عالم الإنفعال السلبي إلى مجال العقل الإيجابي، لتتردد في الأفق البعيد، وتولد بألحان جديدة مثل تنهيده مثل همسة، لتتشابك الإرادة والحرية والفكر في ومضة تشع لحظة "سقوط القمر" بهذه الكلمات بدأ الفنان اللبناني الملتزم مارسيل خليفة حديثه عن تجربته الغنائية الناجحة مع الشاعر الراحل محمود درويش التي وصفها ببداية انتقال للأغنية العربية من عالم الانفعال السلبي إلى مجال العقل الإيجابي، جاء ذلك مساء أمس الاثنين الموافق 11 مارس 2013م في أمسية نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بمقره في أبوظبي بالتعاون مع جمعية البيارة الثقافية، التي تشكلت نواتها عام 2002م في أبوظبي، لتكون الأمسية باكورة التعاون بين الجهتين كما قال الشاعر محمد المزروعي رئيس الهيئة الإدارية لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي في تقديمه للفنان مارسيل خليفة.

المزروعي يقرأ درويش
قرأ الشاعر محمد المزروعي كلمة كتبها الشاعر محمود درويش بعد سماعه اسطوانة مارسيل خليفة الأولى 1976م التي تضمنت أربع أغنيات من شعره، قال فيها (لعل أغنية مارسيل خليفة هي إحدى الإشارات القليلة إلى قدرة الروح فينا الآن على النهوض، فعندما كنا نستثني التعبير الثقافي من شمولية ما تعرض له الموقف العربي من انهيار عام كنا ندافع عن أمل شخصي في حماية منطقة من الروح يصعب اجتياحها بالدبابة أو بالعزلة، لقد أغلق القلب حتى صرنا ندهش من تحمل عصفور سماء، وسط هذا الخراب كانت أغنية مارسيل خليفة تنتشل القلب والأجنحة من الركام، كانت قوتها الهشة هي قوة الحياة في حصار السؤال والجواب، فيها وجدنا قوة المأخوذين إلى الموت على الغناء وعلى إبداع مستوى للواقع نمتلك فيه حرية افتقدناها فيما سبق من كلام وإيقاع.

"سقوط القمر"

وقال الفنان مارسيل خليفة بمناسبة صدور رائعته "سقوط القمر" التي تضمنت على ثمانية عشر أغنية : لا سبيل لدي إلى المعنى إلا أن أغمره في الأغنية أكثر فأكثر أدخل في الأغنية إلى مالا ينتهي لأدافع عن الغامض السحري في القصيدة، لا بد من الرغبة والحسرة والقسوه والثورة والنداء والشعر والصمت والتذكر والنسيان والحب، أصابعي يا محمود علقتها على مشارف الوتر في "سقوط القمر" وكتبت لك جهراً بيان الأغنيات هذه، أبحث عنك في الأغنية وفي كل ما لدي من الموسيقى المعدة لتطرية الأيام الصعبة بعد جرعتين من جرار نبيذ الحب.
وحول وداعه للشاعر الكبير محمود درويش أضاف الفنان مارسيل خليفة: (لم أقل له الوداع لأنني كلما هممت بنطقها في آخر مكالمة تلفونية كان يشدني بصوته الواثق كي نتابع الحديث، كان في صوته شهية كلام وكان في وداعي شهية صمت، كان تلفونا قصيرا كتحية بحاره، رافقتك السلامة كانت هذه عبارته الأخيرة، تصبحون على وطن.

بداية الألحان

وعن بداية تلحينه لقصائد محمود درويش قال ذهبت إلى باريس هاربا من الظروف السياسية والتقيت كوكبة من الأصدقاء والشباب الوافدين حديثا أو المقيمن بداعي الدراسة أو بداعي السياسة ورحت بخجل وتردد أعرض بعضا من تجاربي الموسيقية الشعرية الأولى، شاب متحمس أخرق يريد أن يجعل الموسيقى سبيلاً لتغير العالم، أن يخفف الألم والبؤس والفقر والحروب، أن يشعل ثورة مدعوماً بوتر العود والقصيدة الجديدة، كان الأصدقاء يسمعونني ويهزون برؤوسهم ربما لم يدركوا يومها تماماً ما هو مشروعي، وكان داخلي مشحوناً بالتمرد، وفي سنة 1976م سجلت في أحد استوديوهات باريس (وعود من العاصفة) أولى أغنياتي لقصائد محمود درويش قبل أن أتعرف إليه شخصياً، وقد تضمنت هذه الأسطوانه أربع أغنيات من شعر درويش، ولم يخطر في بالي أبداً أن هذا اللعب سيصبح جدياً إلى هذا الحد، وبعد عودتي من باريس كان اللقاء الأول مع درويش لقاء حميمياً في حديث الموسيقى والشعر أو حديث للموسيقى وللشعر، كان محمود نبيلاً ومفعماً بقلب كبير اقتربت منه ومن روحه واتسعت موسيقاي لشعره، تأتي قصيدته بكامل سطوتها للتحرك مع إيقاعي وتملأ الفضاءات.

اللقاء

وأضاف مارسيل خليفة بعد الخروج الفلسطيني من بيروت سنة 82 م في ذكرى التضامن مع الشعب الفلسطيني التقيت ومحمود درويش في قاعة الأونيسكو في باريس حفلة ثنائية بين الشعر والموسيقى، تلا يومها قصيدة "سلام عليك وأنت تعدين نار الصباح" وتابعت بعده "أحن إلى خبز صوتك، أحن إليك يا أمي".

وفي الذكرى الخمسين لنكبة فلسطين جاء محمود إلى بيروت وقدمنا أمسية مشتركة في قاعة الأونيسكو، ألقى جداريته وقدمت تقاسيماً، وفي اليوم التالي ذهبت معه إلى مخيم صبرا وشاتيلا لوضع باقة من الورد على أضرح الشهداء.

سنة 2002م كان الحدث بتكريم محمود درويش كأهم شاعر معاصر في العالم العربي بجائزة لينون الأمريكية في جامعة فيلادلفيا، وقد دعيت للمشاركة في هذا الاحتفال بناء على دوري في إيصال شعر محمود درويش للعامة وجعله بمتناولها، وقدم الاحتفال المفكر الفلسطيني العربي إدوارد سعيد، وفي عام 2005م منحت لقب فنان الأونيسكو للسلام وكان محمود بجانبي فرحاً بهذا اللقب.

وفي عام 2007 م حصلت على جائزة أكاديمية (شارل كروس) لعمل تقاسيم المهدي لمحمود درويش المستوحى لأشعاره ولقد تم الاحتفال على مسرح راديو فرانس حيث تسلمت الجائزة وكانت تحية عارمة أيضا للشاعرمحمود درويش.

في ختام الأمسية وقع الفنان مرسيل خليفة لجموع غفيره من الحضور على إصداره (سقوط القمر) الذي أهداه إلى صديقه ورفيق رحلته الجميلة بكل ما فيها من أمل وألم الشاعر محمود درويش، ليذهب ريع هذا الإصدار لدعم ومساندة أطفال فلسطين.