«سيدتي» تكشف رحلة عمل فيلم ولد ملكاً والأصداء حوله

راكان عبد الواحد في لقطتين من الفيلم
بدر السماري
علي العقل الذي جسَّد دور الملك فيصل في طفولته
راكان عبد الواحد
مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم
عبدالعزيز الزامل
مشاهد من فيلم «وُلد ملكاً»
مشهد من الفيلم.
مشهد من الفيلم
مشاهد من فيلم «وُلد ملكاً»
خالد البرق
فيصل بن أحمد الجنيدل
مصلح جميل
14 صور

أبدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي إعجابهم الكبير بفيلم "وُلد ملكاً"، مؤكدين أنهم انتظروا عرضه بفارغ الصبر. كذلك، تزاحم عشاق السينما أمام دور العرض في مختلف المدن السعودية لمشاهدة الفيلم، فور إعلان موعد عرضه، ليكتشفوا جوانب مهمة يرصدها من سيرة الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله.

"سيدتي" التقت بدر السماري، أحد كُتَّاب العمل وصاحب شخصية الملك عبدالعزيز في الفيلم، للحديث عن «وُلد ملكاً» بالتفصيل، بدايةً من تصويره، مروراً بكواليسه، وانتهاءً بأصداء عرضه، كذلك التقت عدداً من المهتمين بالسينما لتقديم آرائهم بالفيلم.

قائد عظيم

بدر السماري
بدر السماري 

بدايةً، أكد بدر السماري، أن «الملك فيصل قائدٌ عظيم، ترك أثراً كبيراً في البلاد والعالم، لذا حرصنا على إنتاج عملٍ عنه، يرصد جوانب معينة من حياته، وبعد البحث والتقصي طويلاً، وجدنا أن رحلته إلى بريطانيا قبل 100 عام الأنسب لتجسيدها في فيلم سينمائي، سواءً للمتلقي المحلي، أو العالمي، لأنها كانت ذات أهمية كبيرة على الصعيد العالمي، وتركت بصمتها في حياة الملك فيصل، كما وجدنا مادةً خصبة جديرة بالطرح في الحقبة التاريخية قبل وبعد الرحلة». وأضاف: «الأفلام من أفضل الوسائل لتقديم تاريخ البلاد المجيد، وتعريف الجيل الجديد به بشكل ممتع، وقد حرصنا في الفيلم على تجسيد حياة السعوديين قبل 100 عام بقالب مشوِّق من خلال حبكة درامية مبنية على أحداث تاريخية حقيقية». وأضاف السماري: «بدأ العمل على الفيلم بمرحلة البحث والاطلاع، حيث قرأنا كثيراً من المصادر والوثائق التاريخية، واجتهدنا لجمع أهم الأحداث التي شهدتها تلك الحقبة المهمة من تاريخ العالم، بعدها بدأت مرحلة الكتابة، وجاءت الفترة الأولى منها الأطول، وجمعتني والروائي الإسباني ري لوريجا، قبل أن ينضم إلينا هنري فريتز، الكاتب الإنجليزي المتمرس في كتابة السيناريو. وفور انتهائنا، أكمل المخرج أجوستي فيلارونجا المهمة. بلا شك هذا الفيلم كان بمنزلة الحلم لي ولكثير من عشاق السينما بتجسيد شخصيات البلاد التاريخية في أعمال سينمائية ودرامية، والحمد لله، أصبح هذا الحلم واقعاً، وأشعر بالبهجة بعد إتمامه، وما حظي به من ترحيب كبير من غالبية المشاهدين، فردود الأفعال الأولية، جاءت رائعة، وأعجبني كثيراً التصفيق طويلاً بعد نهاية الفيلم في جميع صالات السينما التي عُرِضَ فيها، وهذا لا يعني انتهاء المهمة، بل أرى أن على جميع السينمائيين مواصلة العمل، وتجسيد تاريخ البلاد المجيد، ونقل الصورة المشرقة لهذه الأرض المباركة عبر عديد من الأفلام في المستقبل».

شعرت بأنني صاحب الشخصية

راكان عبدالواحد
راكان عبدالواحد

أما الممثل راكان عبدالواحد، الذي أدى شخصية الملك عبدالعزيز، فتحدث عن دوره في الفيلم قائلاً: «فترة العمل في «وُلد ملكاً»، كانت جميلة وممتعة وزاخرة بالمغامرات. عندما تلقيت عرض تجسيد شخصية الملك عبدالعزيز، وافقت فوراً، وقمت بالاستعداد جيداً لأدائها عبر البحث عن أهم سماتها، وقد وجدت في داخلي أفضل مصدر لتقديم هذه الشخصية العظيمة، حيث عشت الدور فعلياً مرات كثيرة جداً، وكنت أرتجل وأغيِّر جزءاً كبيراً من النص ليليق بمشاعري، إذ إنني تعلَّمت في التمثيل أنني إذ أردت تجسيد شخصية ما بشكلٍ جيد، فيجب أن أقتنع بها أولاً، وأنا أتعامل معها وكأنها شخصيتي الحقيقية، كما تابعت أفلاماً وثائقية، وقرأت عديداً من المصادر عن شخصية الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وفعلاً أحبَّ المشاهدون أدائي، وأشعر بسعادة كبيرة لنجاحي في تجسيد دوري في أول فيلم سعودي بهذه الضخامة، وقد أخبرني كثيرون بأنهم يفتخرون بما قدمناه، في حين كشف آخرون أنهم دخلوا في حالةٍ من البكاء بعد انتهاء الفيلم، مؤكدين في الوقت نفسه أنهم شعروا وكأنهم يشاهدون الملك عبدالعزيز في الحقيقة». وأضاف: «عملت سابقاً في عدد من الأفلام القصيرة التي تم عرضها في مهرجانات سعودية عدة، وفي يوتيوب، وإنستغرام، لكنْ هذه أول تجربة سينمائية حقيقية لي. مستقبلاً لن أركز على أدوارٍ، أو مهام محددة، لأنني أعشق الفن بشكل عام، لذا سأعمل في الإنتاج، والإخراج، والموسيقى، إضافة إلى عروض الأزياء. وما شجعني على ذلك، ووضع مسؤولية كبيرة على عاتقي اللقب الذي أطلقته عليّ جريدة «عرب نيوز»، وهو سفير الفن السعودي».

عمل ضخم

فيصل بن أحمد الجنيدل
فيصل بن أحمد الجنيدل

في حين، وصف الإعلامي والروائي فيصل بن أحمد الجنيدل، فيلم «وُلد ملكاً» بـ «العمل الضخم»، مؤكداً أنه يفتخر به، وقال: «الفيلم إنتاج سعودي ضخم، ويضم طاقمَ عملٍ محترفاً، تمكَّن من تقديم عمل متقن ورائع، خاصةً ما يضمُّه من شخصياتٍ، كان لها دورٌ في حياة الملك فيصل، هذا الرجل العظيم الذي ستبقى ذكراه خالدة في وجداننا إلى الأبد».

العزيمة والإصرار

عبدالعزيز الزامل
عبدالعزيز الزامل

فيما كشف عبدالعزيز الزامل، ناشط سينمائي، أن «وُلد ملكاً» من الأفلام التي انتظرها طويلاً، كذلك الحال مع المشاهد السعودي، وقال: «هذا أول فيلم يحكي قصة الملك فيصل، ثالث ملوك السعودية، لذا تشوَّقنا لعرضه للتعرف أكثر على شخصيته وشخصية والده الملك عبدالعزيز حينما كان شاباً، وقد وجدت الفيلم جميلاً من جميع الجوانب، مثل تجسيد بعض الشخصيات، والسينماتوغرافيا التي أظهرت جمال ورعب الصحراء في الوقت نفسه، إضافة إلى اللهجة النجدية التي أتقنها الممثلون في الفيلم، ما منحه طابعاً مميزاً، خاصةً أن كثيراً من الأفلام تفشل في تجسيد اللهجة العربية الخاصة بمنطقة معينة، لكن من جهة أخرى، خيَّب السيناريو آمالنا، إذ لم يسرد سوى جزء بسيط جداً من حياة الملك فيصل، وهذا ما لم أكن أتوقعه، وتمنيت لو أنهم عرضوا أحداثاً تاريخية أخرى مهمة في حياته، مثل تسلمه الحكم». وأضاف: «الفيلم يوجه رسالة للجيل الجديد بضرورة التسلح بالعزيمة والإصرار لبلوغ الآمال، كما فعل الملك فيصل الذي اجتهد وعمل بقوة حتى وصل إلى ما وصل إليه».

قدرات إنتاجية خيالية

خالد البرق
خالد البرق

أوضح المخرج خالد البرق أنه عندما زار الشركة المنتجة قبل عامين، واطلع على بعض مراحل العمل، لم يتخيَّل أن عملاً بهذا الحجم يمكن إنتاج جزء كبير منه في السعودية، خاصةً أنه يفوق كافة التوقعات، ويتميز بقدرات إنتاجية ضخمة جداً، وقال: «أخرج الفيلم مخرج قدير، نال جوائز عالمية، وشارك فيه ممثلون موهوبون، وإن كان أغلبهم ليسوا من نجوم الصف الأول، أما قصة الفيلم فمبنية على أحداث واقعية لا على الخيال، لذا جاء تنفيذ الفيلم بمنزلة التحدي، لأن صناعة هذه النوعية من الأفلام، تتطلب من طاقم العمل الوصول إلى الكمال، ورصد الأحداث بشكل صحيح، والحفاظ على الأصالة والأزياء التراثية والعادات والتقاليد، وتسليط الضوء على كثير من الأمور المهمة حتى يصبح للفيلم هدفٌ، يقدمه على الشاشة، ولعل من أكثر الأمور تحدياً في مثل هذه الأفلام أداء الممثلين أدوارهم باحترافية، إذ يُعد تجسيد شخصية حقيقية اختباراً مهماً وصعباً لأي ممثل، وعلى مر السنين، جاءت أفضل الأدوار على شاشة السينما من نصيب الممثلين الذين جسدوا شخصيات حقيقية».

وحول ما لفت انتباهه في الفيلم، قال البرق: «أعجبني كثيراً إتقان الممثلين اللغة العربية، خاصةً اللهجة النجدية، على غير العادة في الأفلام السينمائية، كذلك أضافت مواقع التصوير للعمل الشيء الكثير، وجعلتنا نشعر وكأننا جزءٌ من الحدث، وما لفت انتباهي في الفيلم عدم ظهور شخصية الملك فيصل بشكل كامل، فلم أجد أحداثاً، أثَّر فيها بنفسه بشكل ملحوظ، بل ظهرت وكأنها حصلت بمحض الصدفة، ونتطلع مستقبلاً إلى مشاهدة مزيد من هذه الأفلام التي ترصد تاريخ السعودية، لأنها تساعدنا في فهم الأحداث التاريخية التي مرت بها بلادنا بشكل أفضل، وتعرِّف الأجيال الجديدة بأصالة السعودية وتراثها العريق، بدليل أن هذا الفيلم قدّم للعالم جزءاً من تاريخ السعودية بصورة غير مسبوقة، لذا أرى أنه قد حان الوقت لنسرد قصصنا بأنفسنا، ونفتح نوافذ وجسور تواصل مع العالم أجمع، ونروي لهم ثقافتنا وإرثنا الحقيقي».

يؤسِّس لسينما السيرة الذاتية

«الفيلم يؤسِّس لسينما السيرة الذاتية في السعودية، ويفتح الباب أمام المنتجين والمخرجين لتقديم أفلام روائية عن شخصيات مهمة في تاريخ البلاد، حققت إنجازات كبيرة». هذا ما أكده مصلح جميل، الكاتب والفوتوغرافي السعودي، في بداية حديثه.

وقال جميل: «يرصد الفيلم رحلة الملك فيصل إلى بريطانيا حينما كان في عمر 13 عاماً، وبعض الأحداث المهمة في طفولته، وقد جاء بأسلوب درامي شيق، جذب المشاهدين إليه، ولعل من أبرز محاور الفيلم علاقات الملك فيصل مع شخصيات عدة، منها أخوه الأمير تركي الأول، وخادمه الشخصي، والأمير الذي توفي شاباً وتركت وفاته أثراً كبيراً في شخصية الملك فيصل، إضافة إلى القرارات التي اتخذها لمنع العبودية».

وعن أصداء الفيلم، أوضح جميل: «بلا شك، استطاع «وُلد ملكاً» تحقيق نجاح كبير، خاصةً أنه قدم للمشاهد لمحة عن طفولة الملك فيصل، هذه الفترة من حياته التي كانت مجهولة لكثير من السعوديين، نظراً لارتباط شخصية الفيصل بأحداث أخرى مهمة، وقع أغلبها حينما كان ولياً للعهد، ثم ملكاً، وأرى أن الفيلم جيد جداً، ويستحق المشاهدة، ويبدو فيه بوضوح المجهود الكبير الذي بُذل في الديكور والأزياء، لكنني شاهدت النسخة المدبلجة بالعربية، ومن وجهة نظري، أضعف هذا الأمر الفيلم نوعاً ما».

.. عن الملك فيصل
الملك فيصل بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الملك الثالث للسعودية، حكم البلاد عام 1964، وقد أدخله والده في سن مبكرة إلى السياسة، وأرسله في زيارات إلى المملكة المتحدة، وفرنسا في نهاية الحرب العالمية الأولى، كما قاد القوات السعودية لتهدئة التوتر في عسير عام 1922، وعُيِّن نائباً للملك عام 1926، وفي العام الذي يليه رئيساً لمجلس الشورى، بعدها وزيراً للخارجية، وشارك عام 1934 في الحرب السعودية اليمنية، وخلال ولاية العهد أصبح مسؤولاً عن المال وخزينة الدولة والأوضاع الخارجية للبلاد، وفي المجال الاقتصادي، عمل على تعديل اتفاقية أرامكو ليناصفها أرباح دخل النفط، وربط السعودية بجيرانها الأردن وسوريا والعراق والكويت في مجال المواصلات، وطوَّر الزراعة، واهتم بالطب، وشارك في الدفاع عن حقوق فلسطين حتى إنه حظر إمداد النفط لمَن يؤيد إسرائيل خلال صراعها مع سوريا ومصر والعراق.

.. عن الفيلم

تم تصوير فيلم «وُلد ملكاً» بين الرياض ولندن بدءاً من عام 2015، وهو فيلم درامي تاريخي عالمي، يحكي قصة زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز إلى المملكة المتحدة عام 1919، وهو إنتاج مشترك بين بريطانيا وأستراليا والسعودية، وأُنتج من قِبل أندريس جوميز، وألَّفه هنري فرتز، وبدر السماري، وري لوريجا، وأخرجه الإسباني أجوستي فيلارونجا، ومن بطولة: عبدالله علي في دور الملك فيصل، وراكان عبدالواحد في دور والده الملك عبدالعزيز، وهيرميوني كورفيلد، ولورنس فوكس، وإد سكرين، وجيمس فليت.

كيف تم اختيار الطفل الذي جسَّد دور الملك فيصل في طفولته؟

جاء اختياره من قِبَل المنتج الإسباني أندريس جوميز، حيث قال ـ في أحد لقاءاته ـ «إن اختيار الممثلين كان الجزء الأكثر صعوبة، إذ بدأنا البحث عن طفل عمره 13 عامًا وكان الأمر صعباً جداً، واختبرنا الكثير من الأطفال بمن فيهم بعض أحفاد الملك فيصل، وأخيرًا وبالمصادفة نظرنا إلى الأولاد الصغار في المدرسة الأمريكية بجدة، ووجدنا الطفل المناسب، وهو الطفل السعودي علي العقل الذي مثَّل شخصية الفيصل».