علموا أبناءكم الادخار

أحمد العرفج

قبل أيَّام، نشر صديقي وزميل دِرَاستي الدكتور «محمد آل سلطان» -حفظه الله- مقالاً في «عكاظ» بعنوان: «الادّخار والاستثمار الذي أهمله تعليمنا»، مبيِّناً فيه؛ أن منظومة التعليم -في كل مستوياتها- في بلادنا، لم تمنح الادّخار والاستثمار شيئاً من وقتها، وحصصها الكثيرة!

 

إنني أتَّفق مع أخي المُتألِّق –دائماً- «محمد» في مفهومه، وأُذكِّره بأن بعضنا تعلَّم الادّخار والاستثمار من أُسرته، وليس من التعليم، ومازلتُ أتذكَّر أن أُمِّي «لولوة العجلان» –رحمها الله وأسكنها فسيح جناته هي وجميع موتانا- اشتَرت لي حصّالة صغيرة في طفولتي، وأخبرتني بأن المال نوعان: مالٌ أُنفقه فيذهب، ومالٌ أَدّخره في الحصّالة ليبقى!

 

نعم، لم يكن المال الذي ادّخرته كثيراً، ولكنه كان يُشعل الأسئلة في عقلي، ويجعلني أُفكِّر كثيراً؛ قبل أن أنفِقُ أي ريـال، حيث أطرح السؤال على نفسي: هل من الجيِّد أن أنفِقُ هذا الريـال؟ أم أدّخره للمستقبل؟ خاصة أن نفقات الطفولة -كلها- من باب الرغبات، وليست من باب الحاجات!

 

إن زرع مفهوم الادّخار والاستثمار، في مراحل الصفوف الابتدائية، أمرٌ جيِّد، وسوف يُحدِث تَفَاعُلاً بَين الطَّالِب وعَقله، ويُؤسِّس حواراً اقتصادياً مثمراً؛ بين الإنسان وذاته!

لقد نصَّت رؤية السعودية 2030 على فكرة الادّخار، والإنفاق الذكي، ولم يعد أمامنا سوى تحويل هذين المفهومين إلى خارطة طريق، وبرامج تنفيذ؛ تبدأ من المرحلة الابتدائية، ولا تنتهي إلا بالمرحلة الثانوية!

 

في النهاية أقول: لقد أعطانا أجدادنا نظرية ذهبيَّة تَقول: «احفظ قرشك الأبيض إلى يومك الأسود» -جنّبنا الله وإياكم الأيام السوداء- لذلك دعونا نُقسِّم الريـال إلى قسميْن؛ قسم نشتري به خبزاً فنأكله، والقسم الآخر نضعه في الحصَّالة لندّخره.. أما مَن يَقول: «أنفِق مَا فِي الجِيب، يَأتِيكَ مَا فِي الغَيب»، فهو قليل الخبرة؛ لأن الغيب لا يعلمه إلا الله!!