أنت لا تحتاجين كل ما تشترينه!

عبد الله باجبير

 

اشتري.. كلمة تطارد المرأة بعنف وإلحاح كيفما تلفتت وهي تتجول في الأسواق العملاقة.. والمولات.. والهايبر ماركت.. خاصة بعد انتشار البيع بالأوكازيون والتقسيط.. اشتري هذا العقد.. هذه الساعة الثمينة.. هذا الحذاء.. ذاك العطر.. هذه الشنطة التي تحمل اسم بيت عالمي.

مجدداً أصيبت المرأة بفيروس (البرنداز)، أي الماركات، فهذه شنطة «برنداز»، وهذا عقد يحمل بصمات أكبر محلات المجوهرات العالميَّة. وهكذا حتى تتوه في دين الشراء. وبصراحة من منَّا لا يشعر بالمتعة وهو يجول الأسواق للشراء. إنَّنا جميعاً يعترينا هذا الشعور. ونحن ننفق أموالنا يميناً ويساراً ونشتري ما يلزم وما لا يلزم. إنَّها متعة تزيد من نفوذنا على الأشياء. عندما نضم إلى ممتلكاتنا الشخصيَّة شيئاً جديداً. ويتضاعف هذا الشعور عند المرأة، خصوصاً عندما تحصد نظرات الإعجاب من صديقاتها وقريباتها؛ لأنَّها تحمل شنطة (برنداز) أو حذاء يحمل اسماً عالمياً، بل ربما تشعر بالغبطة والسعادة عندما تستشعر الغيرة والحسد في نظراتهنَّ.

السؤال هنا: هل كل ما تشترين تحتاجين إليه، أم أنَّك تشترين لمجرد الشراء والتنفيث عما يضطرم داخلك؟! علماء النفس يؤكدون أنَّ معظم النساء يصبن بحمى الشراء تعبيراً عن احتياجات نفسيَّة، ومشاعر مضطربة، وأنَّ الحرمان العاطفي غالباً ما يدفع المرأة إلى شراء أشياء قد لا تكون في احتياج لها، أو قد تكون إمكاناتها الماديَّة تحول دون قدرتها على شراء هذه الأشياء الثمينة. وبالتالي عليها أن تفرق بين ما تحتاجه وما تريده، وأنَّ ليس كل ما تشتريه سيجلب لها السعادة.

وأعرف زوجة شابة متزوجة من قريب لي يكاد منزلها ينفجر من كثرة ما به من أثاث. أكثره لا يستخدم إلا نادراً، وكلما وجدت فراغًا في منزلها أسرعت إلى شراء شيء تضعه فيه. وأذكر أنَّ الزيارة الوحيدة التي قمت بها لمنزل المطرب العظيم «عبد الحليم حافظ» في الزمالك، وجدت كنبة وكرسياً واحداً في غرفة واسعة. وقال لي «عبد الحليم» إنَّه يكره الزحام، وأن من اقترح عليه هذه الغرفة الفارغة كان الزعيم المصري «فؤاد سراج الدين باشا»، الذي عمل في وقت فراغه «ديكورست» للمشاهير والأغنياء.

فلا تزحمي منزلك بالأثاث ولا دولابك بالملابس، واشتري فقط ما تحتاجين إليه.