مسابقة القصة الفكاهية: المرأة الفيل

صورة تعبيرية

من القصص الفكاهية المستوفاة لشروط مسابقة «سيدتي» للقصة الفكاهية القصيرة، نقدم لكم قصة: «المرأة الفيل» لرولا حسينات. مع العلم أن القصص لم تخضع لأي تصحيح، عدا التصحيحات اللغوية والإملائية، على أن تقوم لجنة الجائزة باختيار الأصلح بينها.
المرأة الفيل
عندما ارتمت في أحضانه، وهو يحمل حقيبته الصغيرة كاد يسقط، لم يشعر بنفسه وهو يغوص بين ذراعيها المليئتين بالدهون، لم يكن لينجو حتى أصابته كحة جعلته يفر من بين يديها، كما فرت الدموع من عينيها، أشار إليها بيده، أنَّه بخير لوح لها بالوداع، وقد سار مبتعداً نازلاً الأدراج بسرعة، أغلقت الباب ببطء، وهي تشعر بالحزن الشديد، لولا أنها تعرف أنّه يحبها لما صدقت أنّه يفرُّ منها هكذا.
أخذت تتأمل صورتهما ليلة زفافهما قبل ثلاث سنوات، بعد قصة حب عنيفة، كان السؤال الذي أرادت جواباً شافياً له: أنا هكذا، ولن أستطيع التخلص من جسدي مهما حاولت، فعليك أن ترضى بي كما أنا دون أن أتغير. ولكنها أطرقت التفكير، وهي تتلمس هذا الجسد البدين ذا الرأس الكبيرة التي تغوص فيهما، عينان دائريتان مغمستان بطبقة غليظة من اللحم الأبيض المغمس بحمرة ذائبة لخدين ناهضين، ووجه مستدير فوق جدع شجرة ضخم، وصدر منتفخ، لم يعد الفاصل السباعي يعني بالتأكيد مثيراً لجسدها الأسطواني، والمؤخرة البارزة كشرفة تحمل أصصاً فخارية.
تنهدت وهي تضع يدها أسفل ذقنها، مررت شريطاً من ذكريات، لم تكن لتنتبه له من قبل: كثرة سهره، عدم الإعجاب بما تقوم به في المنزل، نومه السريع في فراشه دون أن يغرس رأسه في صدرها... كان كله بسبب العمل، ولكنه في الحقيقة بسبب وزنها الزائد، لم يقم بتبادل النكات، ولا برسم قلب حب على البطيخة في الثلاجة، ولا أرسل إليها طائرة ورقية تحمل قلبين... منذ متى لم يفعل شيئاً مماثلاً؟ ، لقد نسيت، ونسيت الكثير، وظنت أنّه ما زال يحبها.
ارتدت فستانها الوردي، وحملت حقيبتها، أغلقت الباب وهي تودع همومها إلى المشفى القريب. قرأت الكثير عن عمليات التجميل، استسلمت للأضواء الساطعة، زاغت عيناها في دوائر كبيرة ثم ما تلبث أن تصغر وتصغر، آخر ما سمعته: أن هذه المرأة الفيل تحتاج الكثير من التغيير.
لا تدري متى استفاقت؟ ، لكن الغشاوة البيضاء على عينيها تحمل علامات كثيرة، أولها شعور بأنفاسها، بالهواء وهو يدخل إلى صدرها، فتحت عينيها لم يكن هناك بروز هائل لصدرها يحجب الرؤية، لقد كان بروزاً مكوراً جميلاً، أفاقت كالملذوعة من عقربة قد فرت، تلمست جسدها، لفت حول نفسها، في المرآة سقطت صورتها القديمة، لم تكن هي، لا شك أنها امرأة الدعايات، ليست امرأة الفيل، أغمضت عينيها، وهي تشد على جسدها الذي لم تكن لتصل إلى أعلى الذراع، كيف سيكون وقع المفاجأة على حبيبها؟ ، كيف سيحضنها؟ ، كيف سيقبلها؟ ، كيف وكيف؟؟.
ياه، مشاعرها المتضاربة...
تلمست مؤخرتها، ضحكت لم تحمل أصص الزهور، كما بلبل غادرت المشفى، وهي تطير كما عصفور، كما بلبل حيران، أيام قليلة، ويأتي زوجها، بالكاد ستغير ملابسها، ستلقي بها إلى أقرب حاوية، ارتدت واحداً للوداع، ومشت مشيتها القديمة، ضحكت، وضحكت، اشترت ملابس كثيرة، جميلة، أنيقة، وأكثر إغراء، الكثير من المساحيق، الكثير من العطور، تضيق للملابس أكثر، فتحة للصدر أكثر، مشية مائلة، لا تدري ماذا تفعل؟ ، سيفتح الباب الآن... أخذت تعد ببطء: واحد، اثنان، ثلاثة.
المفتاح يدور فيثقب الباب، مقبض الباب يفتح، بالشق الرفيع... لم يسقط ظل رفيع، لم يكن هناك ظل في الضوء الخافت، فتح الباب أكثر، وأكثر، حتى كان على مصراعه، لم تنطق، لم تتكلم عندما انسحب جسد حبيبها إلى الداخل، ليقبع تحت دائرة الضوء أكثر سمنة، أكثر وزناً، جسداً غير الذي مضى، لقد أراد أن يكون مثلها، وهي ببساطة أرادت أن تكون مثله...