الكتابة..  هي نزيفنا الدائم أمام الحب والألم

سلمى الجابري

كل ما تحتاجه لكي تكتب نصًا مجنونًا، هو أن تخلق لك مكانًا لم تكن لتتوقع أنك ستكتب فيه يومًا.

تأمل جيدًا في كل تعبيرٍ لحظويّ قد يعبر بمحاذاتك، قد لا تراه مرة أخرى، وهذا ما سيحدث بالفعل؛ لذا انتهز الفرصة و«اكتب».

إنهم يمرون سريعًا، ليس بوسعك أن تحفظ المشاهد كلها، فقط ابحث عمن يثير اللهفة بداخلك كي تبتسم؛ كي تكتب، كي تعيد ترتيبك من جديد.

قد تكتب نصًا يشبه ما كتبته سابقًا؛ فهذه ليست مشكلة، كل المشكلة لو تكرر فيك ذات الشعور، وكأنك تعيد اجترار الذكريات بذات النسق، هنالك بعض التفاصيل الدخيلة التي لو أقحمناها بين كل نصٍ وآخر، ستضفي الكثير من الحميمية على الأسطر، كالكلمات المتشظية بثورتها، كالثورة الكامنة بداخلِ كل الكلمات، اكتب الآن، اكتب كي تنجو من صمتك الآسن، لا شيء سينقذك من بؤسك كما ستفعل الكتابة.

- من قال بأنه لا يمكننا أن نتوارى من خلفِ الكتابة؟ من قال بأن كل ما نكتبه قد يصبح يومًا ما فضيحة سنحاكم عليها من قِبلِ من نُحب؟

- من قال بأن كل من يكتب هو مدمنٌ للقهوة، للكآبة، لهذا الهوس المخيف للبكاء!

- من قال بأن اللغة قد تنتهي يومًا بانتهاء الشعور الأول! وكأن لا شيء قد يلهمنا من جديد، من حيث لم نكتب قط غير تلك المشاعر المكتظة ببدائيتها!

حسنًا من سيعيد للحيوات الغابرة توقها؟ من سيحقق لماضيها الخلود غير الكتابة! لا أحد سيمكنه أن يدوّن هذا التعب المتسلسل من الأحداث غير القلم؛ فالكتابة ولادة دائمة من كل ذكرى لم نكن لنرغب في الاحتفاظ بها؛ فهي كالتذكرة التي تسافر بنا نحو عوالم كنا نتمنى كثيرًا البقاء فيها، أو تلك التي زرناها بنية تغيير الوجهة، هي نزيفنا الدائم أمام الحب والألم..