احترام الوقت

أميمة عبد العزيز زاهد

 انفردت مع ذاتي واستغرقت في التفكير في أمور تحدث من حولنا، تصرفات حركت بداخلي إحساسًا كامنًا تجاه بعض السلوكيات التي تجمدت بداخلنا من فرط ضغوط الحياة، وخشونة الظروف التي نحياها، وتدور ضمن دائرة الإحباط والصدمة والتعاسة والكذب والأنانية والقسوة والازدواجية؟ إن ما نشاهده ونسمعه ونلمسه اليوم، يعلن أن ما نعيشه من سلوكيات، سواء في التصرفات والأقوال والأفعال، تعلن عن واقع أليم نتجرع مرارته جميعنا في كل لحظة، ووجدت نفسي أفكر وأقول ماذا حدث لنا؟

لو تناولت قضية احترام الوقت، والتي أعتبرها من السلوكيات المنسية، ومن جوانب متعددة ولأمثلة مختلفة؛ فهل نحن في الحقيقة نقدر ونحترم الوقت، ونعرف أهميته وكيفية استثماره، تأملوا معي وسنجد على أرض الواقع، أننا لا نحترم الوقت ولا نقدر قيمته، ولنتأمل معًا كم من الأعوام التي ضاعت من عمرنا في دراسة مناهج، كان أغلبها حفظًا وتلقينًا، وبعدها كم من الوقت الذي ضاع منا في البحث عن جامعة تواكب رغباتنا وتحقق طموحاتنا، وبعدها كم من الوقت ضاع في البحث عن عمل في أي مكان، صحراء كان أو بستاناً، حتى لو كانت الوظيفة لا تمت بصلة لكل ما تعلمناه ودرسناه طوال حياتنا، أليست كل تلك الدورة الحياتية تعتبر إهدارًا للوقت؟

ولنواصل التحليق، كم هي مضيعات الوقت أثناء العمل الرسمي؟ لوجدنا الكثير ممن يستغل وقت العمل في أعمال شخصية أو محادثات جانبية وحدث ولا حرج، في الاتصالات الهاتفية وبرامج التواصل الاجتماعي، غير جلسات الأكل والشرب، عدا الإجازات العرضية والمرضية والاستثنائية، بجانب الانتدابات وخارج دوام ومضيعات عديدة يعرفها الموظفون، ويشتكي منها المراجعون والمستفيدون من خدمة تلك المؤسسات.

أما لو تحدثت عن زياراتنا الاجتماعية وما يتبعها من ذوق، لا بد أن نتحلى به وكأن الزائر له حق مكتسب، دون أدنى اعتبار لأي ظروف نمر بها؛ فسنرى العجب العجاب؛ فكم من الأشخاص الذين يفاجئونك بدون موعد سابق وفي أي وقت، سواء في مجال العمل، أو على المستوى الشخصي، حتى أوقات زيارة المرضى لم تسلم من التحايل عليها، ولننظر كم من الساعات التي تُهدر وتضيع، ما بين مشاهدة التلفاز، والذي تعددت قنواته بالمئات، والتنقل بين النت بكل نهم وشغف، وبين النوم أو الأكل أو تسوق أو ترفيه أو زيارات، وهناك الكثير والكثير من السلوكيات التي تثقل القلب بالألم والمرارة؛ فليست هذه أخلاقنا ولا تربيتنا ولا بيئتنا، والإنسان المؤمن الواعي العاقل، يكون مالكًا لزمام أمره، ولا يترك هذا الزمام يفلت من يده ويصبح مجرد أداة صماء تنفذ فقط، لا ترده عن تصرفاته ورغباته أي قيود أو حدود.

ولو أردنا التغيير؛ فعلينا أن نراعي الأمانة التي تحملناها لنصبح مجتمعًا صالحًا متطورًا بأخلاقه وخدماته وحضارته؟ ونكون مستعدين لمواجهة الموقف العظيم يوم الحساب، يوم سنسأل عن كل صغيرة وكبيرة، سنسأل عن عمرنا وصحتنا ووقتنا ومالنا، كيف وأين ضيعناهم. .