الطلاق ظاهرة اجتماعية عامَّة، أبغض الحلال عند الله.. سمِّها ما شئت.. فالنتيجة مؤسفة.. يكفي أن تعلم أنَّنا تجاوزناها وتفوقنا على الولايات المتحدة الأميركيَّة بتزايد نسب الطلاق وفقاَ للإحصاءات الأميركيَّة.. إذ ارتفعت نسبة الطلاق في السعودية لـ45 %.. تتقدم «الرياض» في الريادة تليها مكة المكرمة بنسبة 60 %، ويكفي أن تعلم أن هناك 78 حالة طلاق تحدث يوميًا وفقًا للإحصاءات الواردة من وزارة العدل.
والسؤال الذي يطرح نفسه وبعنف، ما أسباب هذه الزيادة الكبيرة في نسب الطلاق؟
وكيف نعالج الأمر.. ونمنعه قبل حدوثه؟ وما هو مصير وأوضاع المطلقات وحقوقهن وقضاياهن؟ وكيف يقف القانون إلى جانب المطلقة؛ لدعمها وتعريفها بحقوقها وواجباتها؟.
أما عن أسباب الطلاق فكثيرة ومتعددة، ومع اختلاف الحياة وتطوِّرها. حتى الطلاق باتت أسبابه مختلفة، خصوصًا بالنسبة للرجل الذي أصبح يستسهل الأمر وكأنَّه أمر بسيط، أو تحوَّل إلى موضة من دون النظر لعواقب الأمور، يحدث الطلاق نتيجة سوء المعاملة بين الزَّوجين؛ لتنافر الطباع ولعدم الإلمام بشؤون الزَّواج، وعدم تحمل الزَّوجين المسؤولية، وإدمان الزَّوج على المخدرات، أو الخمور، الخيانة الزوجيَّة، تعدد الزَّوجات، عدم الإنجاب، الغيرة الشديدة، غياب الزوج عن المنزل لفترات طويلة، عدم الإنفاق، تدخل الأهل المدمّر، فارق السن الذي يزيد على 10 سنوات، الاختلاف الثقافي والاجتماعي أحيانًا، اختلاف العادات والتقاليد لو كانا مختلفي الجنسية، الأمور الشخصيَّة والمزاجيَّة لكل منهما، أو الأمراض الصحيَّة أو الانطوائيَّة، وعدم زيارة أهل الطرف الآخر.
ومن ضمن الأسباب أيضًا ما يسمى الزَّواج الصامت، وهو زواج الرجل من دون علم الزوجة الأولى. وعندما يتسرَّب الخبر يشتعل الخلاف بين الزوجين لينتهي بالطلاق. كذلك بعض الزَّوجات الفتيات المراهقات تحب السيطرة والتملك وكأن الزوج ملك لها، وكذلك العيش بأحلام ورديَّة ترهق الزوج، فلا يحتمل العيش معها.
دورنا وواجبنا قبل أن تقع «الفاس في الراس» -كما يقال- أن نمنع حدوث الطلاق بتأهيل المقبلين على الزواج، وتعريفهم بمفهوم الزواج والمسؤوليَّة الملقاة عليهم بعد الزواج، ووزارة الشؤون الاجتماعية تدرس مشروعًا؛ لإصدار قرار يلزم الشباب والفتيات المقبلين على الزواج بالالتحاق بدورات تدريبية تأهيليَّة حول كيفيَّة تكوين الأسرة، والمحافظة على استقرارها، واستمرارها للحد من حالات الطلاق.
وزارة العدل بدورها تقدم عمل الصلح بالمحاكم. واستحداث وظائف جديدة بمسمى عضو لجنة إصلاح، وتوظيف 200 موظف لحل الخلافات الزوجيَّة وقضايا الأحوال الشخصية. وإن حدث أبغض الحلال فلا بد من وقوف القانون إلى جانبها؛ لدعمها وتعريفها بحقوقها وواجباتها من متعة وسكن ونفقة وحضانة للأولاد، وضرورة حضور المرأة ساعة الطلاق؛ حتى تعرفها بحقوقها وواجباتها.. وأن يقوم موظفون متطوعون بتوجيه المطلقة، وإرشادها بكيفيَّة حصولها على حقوقها وتوعيتها بالإجراءات النظاميَّة المتَّبعة، والكثير من المحاكم افتتحت أقسامًا نسائيَّة لمساعدة المراجعات في تقديم لوائحهن وإرشادهن وتوعيتهن. نتمنى لهذه الظاهرة أن تنحسر وتتراجع قدر الإمكان.. وللحديث بقيَّة.
وشخصيًا أرى أنَّ أسباب الطلاق واهية، وأظن أنَّ الرَّجل هو المسؤول عن افتعال أسباب الطلاق لأسباب في نفسه، وهي لا تعدو أن تكون على علاقة بامرأة أخرى يريد أن يتزوجها، ربما طمعًا في جمالها أو مالها والرجل الكريم لا يقدم على الطلاق، وتشريد أولاده إلا للأسباب التي حددها الشَّرع، ولأسباب ضروريَّة أو حتميَّة.
إنَّني لا أتصوَّر رجلاً كريمًا يقبل على نفسه إبعاد المرأة التي عاشرته سنين طويلة وأنجب منها الصبيان والبنات ثم يلقيها إلى عرض الطريق.. لا أتصور هذا أبدا.