الضمير وسلة الزواج!

عبد الله باجبير

 

تعددت أنواع الزواج وأشكاله.. وبات كسلة الفاكهة العامرة بالثمار.. من كل صنف ولون.. استوائي.. محلي.. مستورد.. رخيص.. غالي.. للأسف بات الزواج سلعة تناسب جميع الأذواق والإمكانات بغض النظر عن أهدافه.. مدته.. شروطه.. كالزواج العرفي والمسيار والمسفار.. وغيره كثير.. مما يفتح شهية أي زوج مقبل على مغامرة أو نزوة.. أو يبحث عن التغيير لنمط حياته الروتينية مع الزوجة الأولى، وكأن زوجته تعشق الملل والروتين.. فيجرب هذا الزواج وينتقل لغيرها بحجة أنه سيتزوج زواجًا حلالاً، وأنه لا يرتكب فاحشة أو ذنبًا.. وأعتقد أنه من اللازم أن يفكر الزوج ألف مرة وهو مقبل على زواج كهذا خوفًا من انتقام حواء، ويضع نصب عينيه «حادثة الكويت» الشهيرة.. حيثُ أحرقت زوجة مطلقة خيمة عرس طليقها بمن فيها.

والحقيقة أن أنواع هذا الزواج مازالت تحت الدراسة حفاظًا على الشريعة وعلى حقوق المرأة.. فقد أظهرت نتائج استطلاع قام بها مركز «رؤية للدراسات الاجتماعية» عن رأي أئمة الجوامع حول زواج المسيار من حيثُ مدى التأييد والموافقة والدوافع والآثار المترتبة، حيثُ كشفت نتائج الاستطلاع أن %65من أئمة الجوامع غير مقتنعين بزواج المسيار، في حين أبدى %35 من أفراد العينة من أئمة الجوامع اقتناعهم بهذا النوع من الزواج.. وجاءت أسباب عدم الاقتناع بزواج المسيار من وجهة نظرهم أن الكثيرين يتخذونه وسيلة للمتعة.. وقد يُتخذ ساترًا للانحراف، وفيه أيضًا غش وخداع للزوجة الأولى، ولا يحقق زواج المسيار السكينة والمودة والرحمة، ويدل على استهتار الزوج وعدم تحمله المسؤولية، وفيه امتهان للمرأة.. لأنه زواج لا تترتب عليه أي مسؤوليات وواجبات، والشباب يقبل عليه بدافع الشهوة المؤقتة.

ومن جهته دعا الشيخ الدكتور إبراهيم الرويش، الأمين العام لمركز رؤية للدراسات، الجهات المسؤولة بتدوين الضوابط والقيود لزواج المسيار، حفاظًا على مصالح المرأة ومستقبلها، وكبحًا لبعض ضعاف الإيمان والدين الذين قد يتخذون هذا النوع من الزواج ذريعة لتحقيق مآربهم الفاسدة، وحتى تتمكن المرأة المتضررة من رفع دعوى قضائية عند تضررها.. وليكون كل من يقدم عليه على بينة من أمره بأن الأمر ليس مجرد متعة ونزوة، بل هو زواج تترتب عليه حقوق وواجبات.

ويجب أن نعترف بأن المسألة شديدة الحساسية.. فمن ناحية قد تكون أهداف الزواج بأنواعه المختلفة بمقاصد طيبة.. مثلاً للقضاء على عنوسة فتاة لم تتمكن لظروف ما أن تتزوج زواجًا عاديًّا.. مثلاً لإنقاذ أرملة شابة من الوحدة أو الطمع فيها.. وكذلك المطلقة الشابة التي مازالت بحاجة إلى زواج.

والأمثلة كثيرة.. والمهم فيها مقاصد الرجل من الزواج الثاني أو الثالث.. لكن في نفس الوقت هناك ضعاف النفوس الذين يتخذون من أنواع وأصناف الزواج وسيلة للمتعة فقط.. أو وسيلة للهروب من مسؤوليات الزوجة الأصلية والأولاد.. وسنلاحظ أن كل نشاط إنساني واجتماعي يخضع للضمير.. هل هو ضمير إنساني حيّ أم ضمير فاسد؟!

الضمير إذن هو الحكم، فليست هناك أنظمة لا يمكن اختراقها.. وكما يقال، ما وضعت القوانين إلا لتخرق.. ولله في خلقه شؤون.

أشياء أخرى: «الموسيقى تتكلم عندما تفشل الكلمة»