الزواج السليم تشابه..أم اختلاف!

عبد الله باجبير

إذا كانت الحياة من حولنا تدلنا على أن هناك صديقين يختلفان في كل شيء تقريبًا وتجمعهما صداقة قوية عن طريق اندماج شخصيتيهما المختلفتين، وهو ما يؤكد انجذاب الأضداد، فهل تجاذب الأضداد هذا يمكن أن يتحقق بين رجل وامرأة، ثم يتزوجان؟ قد ينجذب رجل وامرأة إلى بعضهما في بداية تعارفهما، لكن عادة ما يسفر تجاذب الأضداد هذا عن زواج مفعم بأوقات التوتر والإزعاج والمشاحنات والمشكلات العصية على الحل.

في بحث جديد نشر بصحيفة أميركية أخيرًا، توصل الباحثون إلى ضرورة أن يختار المقبل على الزواج شريكًا لحياته يحمل الكثير من نقاط التشابه معه، والقليل جدًا من نقاط الاختلاف معه، مؤكدين أن العقول المتشابهة لديها الفرصة الأكبر في زواج هادئ سعيد.

كما أثبت البحث أن معظم المتزوجين حديثًا كانوا يبحثون عمن يشاركهم أوجه التشابه في الصفات وفي العادات والسلوكيات والمعتقدات، ودون أن تكون بينهم أوجه خلاف واضحة وجلية.

في اعتقاد كثيرين من خبراء العلاقات الزوجية أن الاعتقاد السائد بأن الأضداد يتجاذبون ويتزوجون، أثبت خطأه، وأن من قبيل الخطأ الفادح أن يبحث الإنسان، سواء كان رجلاً أو امرأة عن شريك حياة ذي اهتمامات مختلفة، متوهمًا أن الصفات المتضادة تؤدي إلى انجذاب الطرفين وإلى وجود رباط قوي لا ينقطع بينهما، ويؤكد الخبراء أيضا أن الذين يقعون في شباك أكذوبة تجاذب الأضداد من الأزواج والزوجات يظلون يعانون بعد ذلك من العواقب الوخيمة لهذه الأكذوبة، مشيرين إلى أنه في العلاقات الزوجية قد يحدث في البداية انجذاب الأضداد، لكن مع استمرار حقائق الحياة اليومية، ومع كل ما يترتب على الزواج من التزامات ومسؤوليات تبدأ الخلافات في النشوب من دون أن يظهر في الأفق أي انفراج للأزمات الناجمة عن أوجه الاختلاف في شخصية الزوج والزوجة.

ينصح الخبراء بأنه كلما زادت مواطن التشابه بين الأزواج، عاشوا الشعور بالسعادة وبالرضا عن علاقاتهم الزوجية، وبأن على المقبلين على الزواج أن يبحثوا في شريك الحياة والزواج عن التوافق أو التشابه الذي يحمي الزوج والزوجة مستقبلا من مواجهة قرار الانفصال عن بعضهما، وبشكل خاص عن التوافق في القيم والمبادئ والاتجاهات، التي تعد هي الأساس الذي يبنى عليه أسلوب كل منهما لقيادة الحياة الزوجية والوصول بها إلى بر الأمان.

في هذا البحث الذي نشرته الصحيفة الأميركية، وتناول 291 زوجًا ممن دام زواجهم لعام أو أقل، عند القيام بمحاولة تقييمهم وبناء على قطاع عريض من الخصال الشخصية والاتجاهات، توصل الباحثون إلى أن الاتفاق بين الزوجين في الآراء والاتجاهات يحدث نوعًا من الرضا والتفاهم، من شأنه تدعيم العلاقة الزوجية وتقويتها، ومن ثم تظلل السعادة حياتهما.

في اعتقاد خبراء العلاقات الزوجية أن التشابهات في الأفكار والاتجاهات تعمل كمرطب لكل مشكلة تعترض الزوجين في حياتهما اليومية، على العكس من أن زيادة نسبة الاختلافات في أفكار واتجاهات الزوج والزوجة كثيرًا ما تزيد من حجم المشكلة، بل قد تصعب من الوصول إلى حل لها.

وربما القليل من الاختلافات بين الرجل والمرأة قد يضيف نوعًا من الإثارة التي تستحب معها الحياة الزوجية تمامًا، مثل القليل من البهارات، الذي يضيف نكهة تصب في صالح مذاق الطعام، لكن الإثارة الكاملة قد تصلح في الأفلام، لكنها لا تصلح في الحياة.. قليل من الإثارة.. كقليل من الشطة قد يصلح للحياة الزوجية.. ويصلح لطبق الخضار.

أشياء أخرى:

«الزوجان روح واحدة وجسد واحد ومحفظتان»