هل يمكن أن تقف صورة الأب المثالي حائلاً دون زواج الابنة؟ تحت هذا العنوان
نشرت صحيفة أميركية معنية بمشكلات الحب والزواج رسالة من قارئة، تلقي بتبعة عدم
زواجها إلى الصورة الذهنية التي وضعتها لزوج المستقبل، وهي الصورة الأقرب إلى صورة
والدها الذي كان مثاليًا في كل شيء، وإن كانت تعترف بأنها لا يمكن أن تلومه على
الإطلاق على ما تعاني منه بعد أن فقدته، وافتقدته كثيرًا.
تصف القارئة والدها بأنه كان دائمًا في انتظارها وهي في مرحلة النمو العقلي، والفكري، تنتقل من وظيفة إلى أخرى، وكان مستعدًا دومًا لأن يسمع منها، وأن يزيح عن كاهلها الهموم التي تشكو منها في كل يوم عمل.. كان حاضرًا، ومتاحًا دائمًا، وكان جيد الإنصات، لدرجة تجعلها تشعر أنها تجيد إدارة الحديث الشيق، فقد كان ماهرًا في إبداء المجاملة الرقيقة التي تتوق إلى سماعها أية فتاة، بالإضافة إلى كونه فنانًا يعشق الموسيقى، والرقص، والسينما، ويهوى السفر، والترحال، ويفهم في شؤون المرأة؛ كالأزياء، والموضة.
تضيف القارئة في رسالتها للصحيفة أنها لا تعتقد أنها ستلتقي برجل تحبه ويحبها، ويكون على نفس الصورة المثالية التي كان عليها والدها، وأنها تشك كثيرًا في أن تقابل رجلاً يعاملها كأميرة، ويشعرها بالثقة، والأمان إلى جواره كما كانت تشعر في وجود والدها، وتلقي بحملها عليه دون أن يخذلها في أي وقت من الأوقات.
في كل مرة تتألم فيها كانت تتذكر والدها وهو يربت على كتفيها، ويدلك ظهرها، ويمسد شعر رأسها حتى تنام.. وعندما كانت تخرج إلى موعد مع شخص، ويتأخر عن ميعاده معها تتذكر والدها الذي كان ينتظرها دائمًا قبل أن يحل ميعادها معه، ولا يمل من انتظارها إذا هي تأخرت، فضلا عن قدرته الفائقة على تفهم ما تسوقه له من أعذار، وعلى إرشاده لها، وتصحيحه أي خطأ ترتكبه.
كان والدها حاضرًا موجودًا دائمًا لكي يمنحها دعمه في كل المواقف الصعبة التي تمر بها في حياتها العملية وفي أزماتها العاطفية، ولولاه ما كانت خرجت منها سالمة، ولذلك كانت تعبر معه، وفي وجوده مراحل الحياة بنجاح، وسلام، وبأقل خدوش ممكنة.
كل هذه الصفات المثالية التي كان عليها والدها جعلتها تفتقده كثيرًا.. وقد كان رحيله الفجائي مثار نقاش طويل دار بينها وبين شقيقاتها البنات، اللاتي لم يتزوجن مثلها، وأرجعن ذلك إلى أن مثالية الأب قد أحدثت توازنًا كبيرًا في شخصياتهن التي أصبحت شبه مكتملة ومثالية، الأمر الذي جعلهن لايمكنهن الارتباط إلا برجال مثاليين لا يقلون عن مثالية الأب.
وكان من نتيجة ذلك أنه عند اقتراب رجل من إحداهن يسأل نفسه: لماذا أرتبط بمن متطلباتها تنمو إلى المثالية، ويمكنني أن أرتبط بأخرى ذات مطالب أقل، وتعاملني كأمير؟
وفي نهاية رسالتها تقول القارئة الحزينة: إنها بقدر ما أسعدها أنها تربت، وكبرت في كنف أب عطوف، ومتفهم، ومثالي، بقدر ما هي غير سعيدة بتلك المقاييس، والمعايير النفسية، والأخلاقية التي غرسها فيها، وهي المقاييس التي لا يمكنها أن تتنازل عنها، وتتمثل في أسلوب معاملة الرجل للمرأة، الذي لم تعثر عليه حتى الآن.
أشياء أخرى:
«لا يجب أن يكون الحب أساس الزواج.. يجب أن يكون الزواج أساس الحب»