تستحوذ الأفلام الرومانسية على إعجاب الجميع، خاصة النساء والفتيات اللاتي يتمنين في داخلهن أن يتحقق أحد تلك الأفلام لهن، حسب الدراسات التي أجريت حول سيطرة الأفلام الرومانسية على عقول مشاهديها، والتي تؤكد جميعا أن المرأة تظل تبحث طوال حياتها عن البطل الذي سيعيش معها أحداث هذا الفيلم، الذي تمنت أن تكون بطلته.
وبغض النظر عن النهاية المأساوية للفيلم فهناك نهاية مؤلمة أخرى قد تلحق بالمرأة التي تعتبر تلك الأفلام الرومانسية جزءا مكملا لحياتها العاطفية، مهما كان تأثيرها السلبي على حياتها، الذي تحدثت عنه الكثير من وسائل الإعلام، فالأفلام الرومانسية قد تساعد في خلق زوجة لا ترضى أبدا بما يقدمه لها زوجها؛ لأنها لا تراه يشبه أبطال الأفلام السينمائية، فهو لا يبكي من أجلها ولا يكتب فيها قصيدة شعر ولا يفاجئها بباقة ورد، أو تشغيل موسيقى حالمة من المسجل، وفي النهاية تصدم الزوجة التي لا تجد صورة النجم السينمائي في زوجها، ويصدم الزوج الذي لا يدري ما سبب تغير زوجته من ناحيته.
لقد تسببت استديوهات السينما في ظهور علاقات زوجية غير سوية، لا يشعر أطرافها بالإشباع بسبب حالة الحرمان المتوهمة التي خلقتها تلك الصور الملونة عن العلاقات الغرامية والعلاقات الزوجية، والتي تبدو فيها أمسيات عشاء على ضوء الشموع والموسيقى الهادئة، الشيء الذي يجعل المرأة تتوق إلى هذا النوع من الرومانسية التي تفتقدها في حياتها وفي بيتها.
في فيلم «تيتانك» الشهير، بكى الكثيرون -وخاصة الفتيات- حزنا على «جاك» أو «ليوناردو دي كابريو» لعدم نجاته من الغرق، وهنا يطرح السؤال: «لو كتبت النجاة لـ«جاك» فهل كان سيتزوج من حبيبته ابنة العائلة الثرية؟، الواقع يقطع بالجواب لا، فهل عدم حصوله على قسط وافر من التعليم ورتبته الاجتماعية لن تمكن حبيبته الثرية من أن تقدمه لكل معارفها بارتياح؟! مثل هذا الواقع يختلف كثيرا عن واقع الفيلم الرومانسي الذي تظل تبحث عنه الفتاة المشاهدة للفيلم، وبالطبع لن تجده.
مثل هذه الأفلام الرومانسية الحالمة ليست إلا مصائد تقع فيها الفتيات والزوجات فتصيبهن بالإحباط، وتتسبب في سيطرة حالة من عدم الإشباع عليهن، ولذلك فإنه من الضروري أن يكتب على أفيشات هذه الأفلام تحذيرات للفتيات تؤكد لهن أن ما يشاهدنه على الشاشة من أحداث رومانسية أبعد ما تكون عن أحداث الواقع اليومي المعاش، تماما مثل التحذيرات التي تكتب على أفلام العنف محذرة ضعاف القلوب من مشاهدة هذه الأفلام.
والسؤال الذي يطرح نفسه أمام خبراء التربية وعلم النفس هو:
«هل تشكل الأفلام الرومانسية المعروفة في عاطفيتها خطرا على الفتيات، بحيث نجد أمامنا جيلا من الفتيات يرفض الحياة الواقعية ويتمرد عليها وعلى كل ما حوله، ولا يقبل إلا بحياة متخيلة لا صلة لها بالواقع؟!.
في دراسة أجريت في «الولايات المتحدة الأميركية» مؤخرا جاء فيها أن خطر عرض الأفلام الإباحية على العلاقات الزوجية وعلى الأزواج الرجال على نحو خاص، يكاد يتساوى مع خطر عرض الأفلام الرومانسية الشديدة العاطفية على العلاقات الزوجية، وعلى الزوجات على نحو خاص.
أوضحت الدراسة أن الأفلام الإباحية المثيرة تقدم للزوج وجبات متخيلة من العلاقات الحميمة، تختلف كثيرا عن محدودية تلك العلاقة الحميمة التي تجمعه مع زوجته، الأمر الذي يجعل الرجل غير راغب في تلبية احتياجات الزوجة، بل قد تدفع به مثل هذه الأفلام إلى طلب العلاقة الحميمة خارج إطار الزواج، وإلى ارتكاب فعل الخيانة، الذي يهدد بالقطع استقرار الزواج، ويعجل بنهايته.
كما أوضحت الدراسة أن الأفلام الرومانسية المليئة بمشاهد الحب الرومانسي تدفع الزوجة إلى الشعور بأن مطالبها واحتياجاتها العاطفية لم يقم زوجها بتلبيتها بالقدر نفسه الذي تجده على الشاشة، ومن ثم تسوء معاملة الزوجة لزوجها الذي يصاب بالحيرة؛ لأنه لم يرتكب ذنبا سوى أنه إنسان واقعي، عليه أن يلبي احتياجات العمل والمنزل والأسرة، وينتهي الأمر بنشوء مشكلات قد ينجم عنها في بعض حالات الطلاق.
أشياء أخرى:
«مهما تحدثت المرأة لا تقول كل ما تعرف».