هورمون «اللقافة» في المجتمع السعودي

الدكتورة سحر رجب
نوف عمر
إسماعيل طه
الدكتور محمد إدريس
محمد بن محمود
6 صور

يقتحمون علينا لحظات فرحنا، ويهدمون علينا أسوار السرور، فضوليون يباغتوننا بأسئلتهم المحرجة وأمام الملأ، أو يتخفون وراء ستار مواقع «السوشيال ميديا» خلف أسماء مستعارة، حيث المجال واسع للعب أدوارهم في انتهاك الخصوصيَّة والتطفل على المعلومات، بل إنَّ بعضهم لا يكتفي بالمعرفة فحسب، وإنَّما يستخدم ما عرفه في إثارة المشاكل، وخلق الفتن. هؤلاء هم الفضوليون، أو كما نسميهم نحن باللهجة المحليَّة «الملاقيف»، الذين لا يؤمنون بمقولة «من راقب الناس مات هماً».

«سيدتي» تتناول «اللقافة» من جانب اجتماعي، وتستعرض بعض النماذج، التي تعرَّضت للتطفل الاجتماعي بكل صوره، وما مدى تأثير ذلك على ثقافة المجتمع.

أسلوب السخرية
البداية كانت مع محمد بن محمود، (32 عاماً)، مشرف العمليات الفنية بجامعة الملك عبدالله للعلوم، فقال: كوني مطلّقاً، كثيراً ما أواجه أسئلة تتعلق بأسباب طلاقي، وكانت إجابتي دائماً بأنَّه نصيب، ونحمد الله على كل حال، لكن يبدو أنَّ الإجابة كانت غير مُرضيَّة لبعض الأشخاص، الذين أصروا على أن يحاصرونني بأسئلتهم: لماذا؟ ومتى؟ ومن طلب الطلاق؟ وكيف تم؟ هنا قررت أن أستخدم أسلوب السخرية لصد هجماتهم الاقتحاميَّة، وأجيب عن كل من يسألني: «لقد طفشت من الزواج والبنات أصبحن مستفزات مثلك!».

التلصص الإلكتروني
وتخبرنا نوف عمر (28 عاماً)، ممثلة، مما تعاني منه من تطفل على حياتها الشخصيَّة؛ عبر تتبع بعض الأشخاص لها من خلال برنامج السناب شات، وتقول: إنَّ ما أعاني منه هو فضول بعض الأشخاص حيال أدق تفاصيل حياتي وتحركاتي فقط من أجل الفضول ونشر خصوصياتي الشخصيَّة، وتلفيق الأكاذيب وتفسيرها حسب أهوائهم، وحتى مع محاولاتي لتجنبهم وحظرهم من حسابي، فإنني أفاجأ بإضافتهم لي من حسابات أخرى. وأذكر موقفاً لأحد الأشخاص قام بالتواصل معي عبر برنامج الـ«سناب» وأبدى رغبته بالزواج مني، وكان جدياً في ذلك، وطلب رقم والدي من أجل تحديد موعد، وبالفعل قام بالاتصال وتحديد موعد، لكنَّه لم يحضر، وتفاجأنا فيما بعد بأنَّه كاذب ومنتحل شخصيَّة غير شخصيته الحقيقيَّة، وأنَّه أقدم على ذلك الفعل فقط من أجل معرفة معلومات شخصيَّة عني، ولا أعرف ما هي نيته حيال ذلك.

لقافة طبيَّة!
الدكتور محمد إدريس، طبيب جراحة النساء والتوليد، ومن واقع تجربته الشخصيَّة، يخبرنا بأنَّ التدخلات في شؤون المرضى أمر مخالف لحقوق المريض، ولكن ما نراه يعكس واقعاً يخالف ذلك، حيث نجد الفضوليين يجتمعون أمام غرف المرضى فقط لطرح الأسئلة وجمع المعلومات، التي لا تعود عليهم بالنفع، وإنَّما هي فقط لإحباط المريض.
أذكر أحد المواقف لإحدى المريضات، وقد حضر زوجها لمعرفة نتائج تحاليلها، وكانت بصحبته أخته؛ التي بذلت محاولات مستميتة من أجل معرفة نتائج تحاليل حمل الزوجة فقط حتى تثبت عدم حملها، من أجل إنهاء حياتها الزوجيَّة. وقد علمنا فيما بعد أنَّ الزوج في حالة خصام مع زوجته، واستمرارهما متوقف على وجود الحمل من عدمه.
وأضاف الدكتور إدريس أنَّ من حقوق المريض أن يتم شمل ملفه بالسريَّة التامَّة، ولا يحق لأحد مهما كان الاطلاع عليه إلا بموافقة المريض أولاً، أو لاستدعاء ذلك لحاجة طبية ثانياً.

اترك الجهاز يا ملقوف!
«من تدّخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه» هكذا بدأ إسماعيل طه (35 عاماً)، إداري، حديثه معنا، فقال: يتناول بعض الناس هاتفك المحمول من دون استئذان، ويقرأ الرسائل التي عليه، وذلك ما كنت أعاني منه مع أحد زملائي في المكتب، فقد كان يتناول هاتفي النقال ويفتحه على مرأى من باقي الزملاء، الأمر الذي أصابني بالغضب الشديد. وفي إحدى المرات ومن باب العادة، أخذ الرجل الهاتف ورفعه إليه، ولما نظر فيه تغيَّر وجهه وأرجعه مكانه. وكتمت أنا ضحكة مدوية وحين سألني باقي الزملاء عن سرّ تغيّر وجه صاحبنا، أجبتهم بأني وضعت عبارة على شاشة الهاتف النقال كتبت فيها «اترك الجهاز يا ملقوف».

الرأي النفسي
الدكتورة سحر رجب، المستشارة النفسيَّة والأسريَّة، أوضحت أنّ لكل إنسان خاصيَّة معيَّنة يختلف فيها عن غيره، وعلينا أن نحترم تلك الخصوصيَّة؛ لأنَّ ذلك من أقل حقوقه الإنسانيَّة، لأنَّه لو أراد أن ينشر ذلك لفعل. وأضافت: «الطناش» من أفضل الحلول لعدم استمراريَّة الحشريَّة في كل شيء، ثم الإهمال وعدم الانصياع خلف إجابة تولد إجابات لا متناهية، والصمت والانشغال بما يفيد؛ حتى يتعود الفضولي على ألا يحشر نفسه فيما لا يعنيه، وتضييق الخناق على السائل حتى يتوقف عن الاسترسال في السؤال؛ بأن نسأله نفس سؤاله، فحين يسأل: كم كلّفتك رحلتك التي ذهبت إليها؟ أجيب: وهل ستساعدني في المصاريف؟ ألك رغبة في مشاركتي رحلاتي؟! وهكذا.