اعترافات مرضى السكر ما بين نكرانه وتقبله

هناك العديد من المفاهيم والتصورات الخاطئة التي يضعها الفرد في ذهنه فيرتب عليها أموراً وخيالات تؤثر على قراراته ونظرته للأمور، فنجد العديد من المرضى المصابين بداء السكري يفضلون إخفاء مرضهم داخلهم دون الإفصاح عنه، وذلك لعدة أسباب: أهمها الخجل أو الخوف، فيما يوجد آخرون يتحلون بالقوة ليواجهوا المرض ويجعلونه صديقًا لهم لا إعاقةً يخجلون منها.


حلوين من دون سكر" حملة "سيدتي" لشهر نوفمبر للتوعية بمرض السكري ستقوم بمساعدتك لمواجهة مرض السكر لتصل بك إلى هدف استشعار حلاوة تقبل السكري ولكن.... بدون سكر..."سيدتي" انطلقت في حملتها لشهر نوفمبر للتوعية بمرض السكري، وكشف جوانبه الخفية، وكيفية تقبله ومصادقته للتعايش معه لتشارك قراءها تجارب مرضى السكر بين الخجل من المرض والاعتراف به، مع الاستشارة النفسية والصحية للتوعية الخاصة بمريض السكري، وكيفية التعامل معه.


السكر يسبب الإحراج في العمل
يرى موظف الطيران أحمد ولي الدين أنّ عدم الإفصاح عن مرضه بالسكر ليس بدافع الخجل، ولكن للبعد عن نظرات الناس التي تشعرك وكأنك كبرت في العمر وأصبحت من أصحاب السكري، قائلًا:" أصبت بالسكري وأنا بعمر ألــ 32 ، ولم أخجل منه ولكنه يسبب بعض الإحراج في مكان العمل خاصةً مع مضاعفاته، ولا أجد مرض السكري مخيفًا إن تم الالتزام معه، فالسكر مرض احترمته فاحترمني، وإن أهنته فإنه سيهينني".


أخفيته كي لا أكون موضع شفقة
أما المهندس إبراهيم سرحان فقال:" أُصبت بالسكري في آخر يوم من السنة الدراسية بالمرحلة الجامعية، أي قبل 9 سنوات تقريبًا، كانت ردة فعلي محايدة، لم أفزع من الخبر، ولكني فضلت في أول معرفتي بإصابتي أن أخفي مرضي عن والدتي، وكان في خاطري أن أخفيه عنها تمامًا، لكن ذلك لم يدم طويلاً، كما كنت أحاول إخفائه قدر الاستطاعة تجنبًا لأن أكون موضع شفقة، خصوصاً مع غير المقربين، لكن الأمر انتهى بي إلى عدم الاكتراث بذلك، فصرت أفحص مستوى سكر الدم، وأستخدم علاجاتي، دون الحرص على التخفي أو الانتقال لمكان آخر لمجرد تناول العلاج بمنأى عن أعين الناس"، مضيفًا:" عانيت مع السكر وأول صدام حقيقي معه هو الإخفاق في الحصول على وظيفة بسببه، ورغم أني حصلت على عدة عروض وظيفية مميزة من شركات كبرى في مجال الهندسة، إلا أنهم كانوا جميعًا يرفضون مباشرتي للعمل فور علمهم بالإصابة عن طريق تحاليل القبول الطبية، لم تكن طبيعة عملي لا تُحتّم علي القيام بجهد بدني ونحوه، إلا أنّ تلك الشركات آثرت التخلي عن مسؤوليتها الوطنية والإنسانية بهذا الرفض الذي طالني وطال غيري من المصابين".


الرأي النفسي
50% من المرضى ينكرون ويخفون إصابتهم بالسكري
ذكر الأخصائي الاجتماعي ومستشار الإرشاد الأسري والممارس المعتمد في العلاج والتأهيل النفسي الاجتماعي أحمد أبو شامة أنّ مرض السكري من الأمراض المزمنة ويمثل حالةً طويلة الأمد. وردة الفعل عند الإصابة به مختلفة من مريض لآخر إلا أنّ الرفض والإنكار هو رد الفعل الشائع لدى أغلب المصابين في المرض عند بدايته لما استقر في الأذهان عن المرض وسلبياته، وقد يكون الإنكار كنوع من التمرد على المرض خشية تغير نظرة الآخرين له أو الانتقاص من قدراته ويدخل في هذا الجانب الخجل والرهاب الاجتماعي، وأحيانًا الخوف الشديد من المرض وخطورته يؤدي إلى الاكتئاب أو القلق، والإنكار أحد الأعراض المشتركة بينهما .


لذا لابد لمريض السكر أن يتقبل الوضع الجديد ويعي ويفهم طبيعة المرض، والتكيف معه من أهم الأمور المعينة للسيطرة عليه والتعايش معه وعليهم أن يدركوا حقيقة أنّ السكري سيغير الحياة لكنه لن يوقفها؛ فإخفاء المرض بحجة الخجل أو الخصوصية أو الخوف من الشفقة أمر خطر على النفسية للمريض كذلك الصحة، فنجد 50% من المرضى يفضلون إخفاء المرض أو نكرانه، وهذا في حد ذاته أمر خطير؛ فمرض السكري يؤثر على العديد من وظائف الجسم، وتكمن السلبية في إخفاء المرض بأنّ المصاب أحيانًا لا يمتلك أن يتخذ القرار لظروف المرض كأن يكون في حالة إغماء فيعرض نفسه لخطر قد يودي بحياته، بينما عندما يعلم الآخرون بحقيقة مرضه يمكّنهم من مساعدته وتقديم العناية الطبية له في حال استدعى الأمر ذلك، ونجد أنّ الرجال أكثر من النساء في الاستخفاف بمرض السكري وآثاره، كما أفادت العديد من الدراسات مما يجعل نسبة الخجل من المرض ضئيلة مقارنةً بالنساء.


لذا على كل مريض أن يعي أنّ مرض السكري من الأمراض المتفشية مؤخراً ولا يعتبر مرضًا معديًا يخيف أو يخجل منه، وبمشاركة الأهل والمجتمع لتحمل المسؤولية على إدارة هذه التغيرات وزيادة الثقة في مواجهة كل التحديات، وسيصبح المرض طبيعيًّا مع مرور الوقت وسهلًا في التعاطي معه.