نعمة أم نقمة؟!

أميمة عبد العزيز زاهد
هل الانفتاح على عادات الشعوب الأخرى وثقافاتها نعمة أم نقمة؟ إن التنمية عملية نوعية تساهم في عمليات التغير الاجتماعي، ومن الطبيعي خلال تطور ونمو مجتمعنا، أن نعايش أجناساً من دول مختلفة، سواء من خلال ابتعاث الأقلية للخارج، ومعايشتهم لأنماط وثقافات مختلفة، أو بالعكس؛ من خلال استقدام واستقبال الأكثرية للداخل، وقد اهتمت الدولة بالتخطيط لتوفير الأيدي العاملة لتحقيق التنمية اللازمة في المجالات الحيوية من حيث التخصص؛ لتواكب التطورات الحديثة، وترجع أهميتها إلى كونها العامل الحاسم الذي يحتاج إلى كفاءات وتخصصات متنوعة في أوجه النشاط المختلفة، اقتصادياً وصناعياً وتعليمياً واجتماعياً.. ونحن كمجتمع له نظمه المتعددة التي لن تبقى على صورة واحدة، بل تتغير من فترة لأخرى؛ لأن التطور سنة الحياة، منها ما يكون إيجابياً، ومنها ما يكون سلبياً، ومن هنا يحدث اختلال في النظم، وتبدأ بظهور بعض مظاهر التفكك والانحلال، وهو ما نعبّر عنه بالمشكلات الاجتماعية. فالتغير الاجتماعي يشمل المجتمع ككل، ويتمثل في العلاقات الإنسانية، والتي تمثلها العادات والأعراف والنظم واللغة وجميع الصور المجتمعة للثقافة، والتي تشمل العناصر المادية وغير المادية، وبالتالي فإن التحول الاجتماعي يصاحبه نشوء صور جديدة ومستحدثة من الثقافات والعادات المختلفة، وأصبحت التغيرات الفجائية تعتبر وكأنها مسألة عادية مألوفة؛ نتيجة تغيرات سريعة ومتلاحقة. فالقيم التي تبث في المجتمع متعددة المصادر، وتشترك فيها حضارات متنوعة، ولكل فئة منهم مفاهيم خاصة بهم. معنى ذلك أننا كسبنا الكثير وخسرنا أيضاً الكثير. فالانفتاح بجميع أشكاله وأنواعه يعتبر سلاحاً ذا حدين، فهو نعمة إذا أحسنّا الاختيار واستفدنا من الخبرات الجديدة بدرجة ما نحتاجه ويهمنا ويراعي مصالحنا ويواكب تربيتنا ويتماشى مع ثقافتنا، وما يكون فيه فكر بناء وابتكار وإبداع، ولا نغفل من استفدنا منهم من كوادر تربوية وتعليمية، كان لهم الفضل -بعد الله- في تعليمنا وتوجيهنا ورفع كفاءتنا في جميع المجالات. وليست كل الثقافات إيجابية؛ لأن هناك أفكاراً ووجهات نظر أثرت سلباً على اتجاهاتنا؛ لأنها تخالف مبادئنا، والضعيف منا هو من لا يفطن إلى خطورتها فينجذب إليها، ومع الأسف لا يزال هناك من يحاول أن ينفي وينفض عنه اتهام التخلف، وذلك بالانسياق وراء كل الصرعات؛ لتعديل آرائه وتوجهاته ومساره، دون أدنى وعي منه لخطورة ما يفعله. فالإسلام كُلٌ لا يتجزأ، وهو شامل لجميع المقومات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وفي تنظيم شؤون البشر، وهو مكوّن أساسي للثقافة، ومن حقنا أن نتمسك بقيمنا وعاداتنا وتعاليمنا؛ لأن الإسلام ليس عدو الحضارة أو الحريات، ونرفض أن تتحول الحرية إلى أداة للصراع نحارب بها أنفسنا، ولا بد أن ندرك أنه علينا المحافظة على مجتمعنا بالعلم والفكر، وأن نكون واعين في مراقبة التصرفات الدخيلة، وإدراك آثارها، ليست على جيلنا فقط، ولكن للأجيال القادمة، فالمسؤولية ليست مقصورة على أجهزة الدولة فقط، بل هي مسؤولية كل فرد