غرفة صالحة للموتِ.. وللحياة

سلمى الجابري
| كنتُ أقبع في غرفةٍ صغيرة، غرفة تكفي للتأمل، للبكاء، للانتظار، لكتابة الجرح، ولجلدِ الذات، غرفة صالحة للموتِ وللعيش، وحتى للغرقِ بصمتٍ مشتبهٍ به. كنتُ أقترف الملل، كمن يقترف الحياة، ما الفرق بين من يدّعي البهجة، ومن يتلوى بالخيبة، سوى شعرة واحدة! وأظن أنني قد قطعتها الآن بسلام. الانتقال من حالة الحزن السائدة إلى لحظات الفرح الغامرة، هي بمثابة القفزِ فوق الأقدار بخطواتٍ خائفة، لكني لم أخف، لم أخف مطلقاً من عينيك الحلم، لم أخف من بشاشةِ ملامحك، لم أخف من اجتياح الهوى، لم أخف من دوخة الحب، لم أخف من الهرب إليك وفيك، لم أخف من فقداني أو حتى من اغتيالي وأنا معك، لم أخف من تحسس عروقِ يدك النافرة، كلمّا أوجعتني الأفكار وأدمتني، لم أخف من علامات التعجب التي كانت تلاحقنا، كلما طوّقنا الغرام بيديهِ، لم أخف من جرحٍ مرتقب، أو حتى من غيابٍ قادم، طالما أصبحتُ أراني أتمدد، أتسع، أتشكّل، وأُخلق من جديد بين أنفاسك. فتلك الغرفة الصغيرة التي كنتُ أواجه بداخلها انكساراتي المتتالية، ما عدتُ أفرُ إليها، فمن فرطِ الوحشة التي كنتُ أعيشها، بتُّ أصلي بداخلي، أصلي كثيراً حتى لا أعود للموت المتخم بالاحتضار والغياب، بتُّ أخشى أن تتلاشى هذه السعادة الطارئة دون أن أعيشها أكثر. لذا أرجوك لا تدع هذا الحزن الرقيق المقترن بهالةِ الحنين، يتماهى بيننا أكثر. كما لا تخرج من عتمة أفكاري لتتجه نحو ضوء الحياة، إلا وأنت بكامل الحب، بكامل الأمل، بكامل الجنون، فهذا العالم ليس بحاجةٍ لأنصافِ الملامح أو البشر.