أم لـ 16 ابناً.. ولم تنجب سوى طفلين!

5 صور

ربما كان عبد الله والشيماء أبناء الحارث هما أشهر إخوة في الرضاعة، حيث كانوا إخوة لخاتم المرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، واليوم نجد قصة غريبة ولكنها جميلة، تضفي كل معالم الإنسانية والتراحم بين البشر وشعوب العالم، من دون عنصرية لأعراق ولا أديان، وهي علاقة أخوة بالرضاعة بين أسرة إسبانية متمثلة في جون إيوارت، الملحق الثقافي في المجلس الثقافي البريطاني، وأسرة عربية إماراتية، هي أسرة الشيخ سلطان بن علي الخاطري، رئيس قبيلة الخواطر.

بداية القصة
بدأت القصة في عام 1984 عندما كانت السيدة إيوارت عالمة الأنثروبولوجيا، تعيش في دبي مع زوجها جون إيوارت، وقرر الزوج دراسة الآثار المترتبة على صناعة النفط في المجتمع الإماراتي.

وتوجه جون إلى رأس الخيمة، وقد رآها المنطقة الأكثر تماسكاً من حيث التنظيم الاجتماعي، وطقوس الزواج، وأساليب الشفاء، وسباقات الهجن، وغيرها من العادات الاجتماعية، في هذا الوقت اجتمع مع سلطان الخاطري رئيس قبيلة الخواطر، وعاش مع القبيلة وحاول تعلم عادات أهلها وارتداء ملابسهم وتناول طعامهم، ومنذ ذلك الوقت عاش جون وزوجته مع القبيلة، وتبادل الجانبان اللغات والثقافة والأفكار والهدايا.

إخوة بالرضاعة
ليس هذا فقط، بل إن الزوجتين "أم أحمد"، و"إينوسيتا" قد تبادلتا إرضاع مواليدهما، لترضع كل منهما طفل الأخرى لمدة شهر، وهي فترة كافية حسب الدين الإسلامي لأن يصبح أبناء السيدتين أخوة بالرضاعة.
ونتيجة ذلك أصبحت "إينوسيتا" الإسبانية أماً لـ 16 ابناً على الرغم من أنها لم تنجب سوى طفلين، كما أصبحت "أم أحمد" حرم الخاطري، أماً لطفلين إضافيين يحملان الجنسية الإسبانية، وقد قاما بهذا الفعل نتيجة الترابط الشديد الذي أصبح بينهما، والثقة والحب اللذين جمعا العائلتين، ما جعل أم أحمد تطرح على السيدة إيوارت هذه الفكرة، حيث قالت لها إنها تعدّ أطفالها كأبناء لها، لكن عندما يعودون في المستقبل وقد كبروا لن يكون الأمر كذلك، وكان الحل أن ترضع كل منهما طفل الأخرى ليكون أطفالهما إخوة إلى الأبد.
وبعد أربع سنوات تقرر انتقال أسرة إيوارت إلى السودان، وشعرت أم أحمد زوجة سلطان الخاطري بالحزن، وكانت شما تبلغ من العمر شهراً واحداً، وإدوارد إبن السيدة إيوارت يبلغ من العمر 7 أشهر.
تقول السيدة إيوارت: "عندما أجلس وأفكر في تلك الأيام، أشعر بأنها أجمل الفصول التي مرت في حياتي".

خدمات المعرفة الإنسانية
وكانت إيوارت قد حصلت عام 2009 على جائزة "سام ديل ميريتو"، من قبل ملك إسبانيا مكافأة لها على جهودها، في خدمات المعرفة الإنسانية والثقافية في الشرق الأوسط، حسب موقع سنيار.
وعندما وافقت على إجراء مقابلة صحفية للمرة الأولى عام 2008، كان أبناؤها لا يزالون شباباً، لكنها الآن أصبحت جدة، وباتت على استعداد لتأليف كتاب عن قصة حياتها. وستروي إيوارت في كتابها قصة عائلتها التي عاشتها في الإمارات، والتي كانت الأكثر تأثيراً خلال مسيرة حياتها، وستحظى بالنصيب الأكبر من الاهتمام في الكتاب.


أما شما الخاطري ابنة السيدة إيوارت عام 1987 بالرضاعة فتقول: "عندما يسألني الناس هل صحيح أن لك اثنتين من الأمهات واحدة عربية والأخرى غربية، أقول إن لي أماً واحدة، فكلاهما جزء واحد من قلب كبير".
وتضيف: "أتصل دائماً بـ "ماما إينون" للحصول على المشورة في الحياة، وتربية الأطفال وكل شؤوني، فهي دائماً ما تنصحنا بالحصول على التعليم الرسمي، وتناول الطعام الصحي، والتأكد من الحصول على التغذية السليمة لنا ولأطفالنا".
حقاً إن تعارفت الأرواح وتآلفت القلوب، فلن تمنعها حدود ولا ديانات ولا أعراق، لتظل لغة الإنسانية والتراحم هي اللغة الأساسية للتعامل بين قلوب البشر.