كيف تتعرّفين على ملامح مراهقة طفلك؟

تعدّ المراهقة من أخطر مراحل العمر، فكيف للأم أن تتعرّف على دخول الطفل هذه المرحلة؟ وما هي الطرق المثالية للتعامل معه في أثنائها؟

"سيدتي" حملت هذين السؤالين إلى الاختصاصية في علم النفس وتعديل السلوك ريم عبد الله:

ثمة فارق بين مرحلتي المراهقة والبلوغ، فالأولى تعني الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، أمّا الثانية فتشير إلى اكتمال نمو الوظائف الجنسية وقدرتها على أداء وظيفتها، ما يؤكّد أن وصول الفرد إلى النضج الجنسي لا يعني ضرورةً أنه لامس النضج العقلي. لذا، يمكن القول إنّ البلوغ ما هو إلا جانب واحد من جوانب المراهقة، ولأنه يسبقها من الناحية الزمنية فهو يعتبر الدليل الأول على دخول الطفل مرحلة المراهقة.

ويخطئ الأهل عندما يتعاملون مع ابنهم على أنّه صغير حتى تظهر عليه علامات البلوغ بوضوح، فالمراهق لا يترك عالم الطفولة ويبلغ تلك المرحلة بين عشية وضحاها، ولكنه ينتقل انتقالاً تدريجياً في مظاهر النمو المختلفة الجسمية والفسيولوجية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والخلقية.

مظاهر المراهقة

وتكون فترة المراهقة في بعض المجتمعات قصيرة، وفي بعضها الآخر تكون طويلة نسبياً، ولكنها في مجتمعنا العربي غالباً ما تمتدّ لما يزيد عن أعوام عشرة من سنّ الطفل وتشمل مراحل ثلاث، هي:

_  مرحلة المراهقة الأولى من (11 إلى 14سنة): تمتاز بتغيّرات بيولوجية سريعة.

_  مرحلة المراهقة الوسطى من (14 إلى 18 سنة): تكتمل في خلالها التغيّرات البيولوجية.

_ مرحلة المراهقة المتأخرة من (18 إلى21 سنة): يصبح الشاب أو الفتاة راشداً بالمظهر والتصرّفات.

ويواجه المراهق على مدى هذه المراحل، صراعاً نتيجة التغيّرات الجسدية والنفسية التي تطرأ عليه. فجسدياً، يشعر بنمو سريع في أعضاء جسمه قد يسبّب له قلقاً وإرباكاً ينتج عنه إحساسه بالخمول والكسل والتراخي. وكذلك، تؤدّي سرعة وتيرة النمو إلى جعل مهاراته الحركية غير دقيقة، وقد تعتريه حالات من اليأس والحزن والألم التي لا يعرف لها سبباً. أمّا نفسياً فيبدأ التحرّر من سلطة والديه ليشعر بالاستقلالية والاعتماد على النفس وبناء المسؤولية الاجتماعية، ولكنه في الوقت عينه لا يستطيع أن يبتعد عنهما لأنهما يشكّلان مصدر الأمن والطمأنينة والمنبع المادي له. ويقود هذا التعارض بين الحاجة إلى الاستقلال والتحرر والحاجة إلى الاعتماد على الوالدين كما عدم فهم الأهل لطبيعة هذه المرحلة وكيفية التعامل المثالية مع سلوكياته، إلى جعله طريد مجتمع الكبار والصغار، فإذا تصرّف كطفل سخر منه الكبار، وإذا تصرف كراشد انتقده  الكبار والصغار ما يؤدي إلى خلخلة توازنه النفسي، الأمر الذي يفسّر وجود أشكال مختلفة للمراهقة، منها:

1  مراهقة سويّة تخلو من المشكلات والصعوبات.

2  مراهقة انسحابية، حيث ينسحب المراهق من مجتمعي الأسرة والأقران، ويفضّل الانعزال والانفراد بنفسه ليتأمّل ذاته ومشكلاته.

 3 مراهقة عدوانية، حيث يتّّسم سلوكه بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والأشياء.

 

المراهق والأهل

وتؤكّد الدراسات العلمية أنّ ما يزيد عن 80% من مشكلات المراهقين في عالمنا العربي تأتي نتيجة سيطرة الأهل واتّخاذهم قرارات تخصّ أبناءهم وفقاً لآرائهم وعاداتهم، ليحجم على أثرها هؤلاء الأبناء عن الحوار مع أهلهم اعتقاداً منهم بأنّ الآباء، إما لا يهمّهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها أو حلّها.

لذا، فإنّ السبيل الأمثل لتكوين علاقة سويّة بين الآباء وأبنائهم في سن المراهقة يتمثّل في ضرورة تعويد الطفل على طرح مشكلاته، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة لبناء جسر من الصداقة والعمل على نقل الخبرات، كما تشجيع المراهق على الانخراط في الأنشطة المختلفة وتوجيهه نحو العمل بالمشاركة في مشروعات خيرية، بموازاة الاهتمام بتثقيفه وإحاطته علماً بالأمور الجنسية بصورة موضوعية حتى لا يقع فريسة الجهل والضياع أو الإغراء.

خطوات مفيدة

وتنصح الاختصاصية ريم عبد الله الأهل بضرورة استثمار هذه المرحلة من سنّ الطفل إيجابياً، وذلك عبر توظيف وتوجيه طاقات المراهق بما يعود عليه وعلى الأسرة والمجتمع ككل بالنفع. وبالطبع، لن يتمّ هذا الأمر بدون منحه الحرية ضمن ضوابط الدين والمجتمع التي تعزّز من ثقته بنفسه وتمدّه بالدعم العاطفي، وكذلك الحرص على تنمية تفكيره الإبداعي وتشجيعه على القراءة والاطلاع وممارسة الرياضة والهوايات المفيدة، وتدريبه على مواجهة التحدّيات وتحمّل المسؤوليات، واستثمار وقت فراغه. وهذه قواعد مفيدة، في هذا الإطار: 

•           أعدّي طفلك أو طفلتك لمرحلة البلوغ بشرح بعض الأحكام الشرعية الخاصّة بالصيام والصلاة والطهارة بشكل بسيط، وأوضحي له أنها من أجمل مراحل الحياة.

•           أظهري الاهتمام والتقدير لما يقوله عند تحدّثه إليك.

•           اهتمّي بمظهره، وشجّعيه على الاهتمام بنفسه.

•           شجّعيه على تكوين أصدقاء جيدين، ولا تشعريه بمراقبتك ولا تفرضي عليه أحداً لا يريده.

•           استضيفي أصدقاءه وتعرّفي إليهم عن قرب، وابدي احتراماً شديداً لهم، ثم امدحي من ترينه من بينهم ذا صفات حميدة. 

•           شاركي طفلك المراهق وجبات طعامه، واصطحبيه إلى الحدائق أو الملاهي أو الأماكن الممتعة التي تلمّ شمل الأسرة.

•           اطلبي من الأب اصطحاب ابنه إلى تجمّعات الرجال وجلساتهم الخاصة ليعيش أجواء الرجولة، واطلبي من ابنتك مشاركتك بعض المهام المنزلية واصطحبيها في رحلات التسوّق.

•           كافئيه على أعماله الحسنة وأظهري فخرك به أمام الأهل والأصدقاء، وتجاهلي تصرفاته التي لا تعجبك ما سيشعره  بالخجل من أخطائه.