"مبارك الغامدي" يصارع الموت.. من يأخذ بيده؟

17 صور

حين أُدخل المواطن السعودي مبارك الغامدي إلى مستشفى الملك فهد بجدَّة؛ بسبب صعوبات في التنفس، منذ عام وأربعة أشهر، كان أهله وأصدقاؤه يأملون أن تتحسن حالته بأسرع وقت ممكن، لكن حالته لم تشهد أي تحسن على مدى الفترة الطويلة التي قضاها، بل ازدادت معاناته الصحية سوءاً، حيث فقد القدرة على الكلام لأسباب مجهولة لم يستطع الأطباء تعليلها، ما أدخل ابنه الوحيد في تساؤلات وحيرة من أمره حول التصرف الصحيح لمواجهة حالة عجز عنها الطب.
فيصل ابن الرجل المريض لجأ إلى «سيدتي»، بعد أن انسدت في وجهه الأبواب كلها، يحدوه الأمل في أن تصل قصة والده المليئة بالألم والمعاناة والمشقة، إلى من يهمه الأمر، لعله يجد من ينقذ مسناً أنهكه المرض، وابناً أرهقه الصبر والتعب!

مأساة مواطن مسن!
بدأ فيصل يروي لنا تفاصيل ما حدث لوالده، فقال: «تعرَّض والدي لضيق في التنفس، فاتصلنا بالهلال الأحمر الذي نقله للمستشفى، وأدخل الطوارئ بتاريخ 19 /11 /2013م، وقرر له الأطباء إجراء فتحة بالرقبة للحصول على الأكسجين وشفط السوائل، وذلك لفترة لا تتجاوز عشرة أيام. وبقي داخل العناية المركزة لمدة أسبوعين، بعدها نقل إلى أجنحة التنويم. وعند سؤال المشرفين على الحالة عن عدم إغلاق الفتحة برقبة والدي، التي تجاوزت المدة المقررة، لم أجد منهم إجابة، وبعد خمسة أيام طلبوا مني إخراج والدي، وأعطوني موعداً بعد 15 يوماً، فرفضت بسبب عدم تماثل والدي للشفاء وتدهور حالته الصحية، بل وعدم قدرته على الكلام والأكل والشرب، وتضاعف الأمر إلى الجروح السريريَّة، وتدهور مستمر وسريع في حالته».

أخرجوه من دون علمي
وأضاف فيصل: «وفي يوم ومن شدة ما ألمّ بي من تعب وإرهاق؛ بسبب الأيام التي قضيتها برفقة والدي، تركته مع ولدي وعدت إلى منزلي لأرتاح قليلاً حتى عودتي في المساء، فما كان من إدارة المستشفى إلا أن قام بإرسال والدي بالإسعاف إلى المنزل، ومن دون علمي أو سابق إنذار لي، فكانت مفاجأة لم أجد لها تفسيراً حتى هذه اللحظة؛ بإيصال والدي وهو في حال صحيَّة حرجة إلى المنزل من دون مراعاة لحقوقه المرضيَّة أو الإنسانيَّة، وعندما سألت أيضاً لم أجد جواباً!!
المؤلم أنَّ صحة جدَّة أصدرت بياناً يفيد بأنَّ حالة والدي الصحيَّة جيدة ولا تحتاج إلى تنويم، وأنَّه تم صرف أجهزة طبيَّة لابن المريض لاستخدامها في المنزل على نفقة وزارة الصحة، وذلك غير صحيح، وقد تلقيت اتصالاً من إحدى الجمعيات الخيرية وأبلغوني بأن المستشفى زودها بخطاب يفيد بحاجة والدي إلى أجهزة طبيَّة على نفقة أهل الخير، وهم يدرسون الموضوع، ولم تصرف له حتى هذه اللحظة».

استدعتني الشرطة
ويواصل حديثه: «بعد استفحال حالة والدي، أردت التوجه إلى إدارة المستشفى لإنصافي، لكنني فوجئت باستدعاء الشرطة لي؛ بناءً على بلاغ تقدَّم به المستشفى، فذهبت وأوضحوا لي أنني رفضت إخراج والدي من المستشفى، فشرحت لهم التفاصيل، واقتنعوا بأنه لا يوجد ما يستوجب إدانتي فأخلوا سبيلي. وبعد تجاهل الشكوى التي رفعتها إلى وزارة الصحة ضد المستشفى، قمت بإرسال فاكس آخر إلى وزارة الصحة، وآخر إلى الديوان الملكي، فوصلني الرد سريعاً، وأمر بنقل وعلاج والدي، وآخر بالاستفسار والتحقيق بما ورد في شكواي، لكن إدارة المستشفى تجاهلت ذلك».

صحة جدَّة
عبد الرحمن الصحفي، مدير إدارة العلاقات العامَّة والإعلام بصحة جدَّة، أوضح أنَّ اتهام ابن المريض للمستشفى بطرده هو اتهام غير صحيح أبداً، وأنَّ المريض عندما أدخل إلى المستشفى بتاريخ 19 /11 /2013م، كان يعاني من صعوبة في التنفس، بالإضافة إلى معاناته من السكري والضغط، ولديه جلطة سابقة في الدماغ، إلى جانب معاناته من كسر بسيط في الحوض إثر سقوطه على الأرض، ما أدى إلى عدم الحركة، وتم إجراء الفحوص والأشعة اللازمة للمريض آنذاك، وتأكدت إصابته بالتهاب في الصدر مع اشتباه وجود جلطة في الرئة، وتم تنويمه في قسم العناية المركزة لمدَّة (13) يوماً؛ نتيجة فشل في التنفس، ووضع على جهاز التنفس الاصطناعي وأعطي العلاج اللازم، وبعد معالجته واستقرار حالته تم تحويله إلى قسم الباطنة. وبعد استقرار المؤشرات الحيويَّة للمريض بما فيها وظائف الكلى، ووصول الأملاح إلى معدلات طبيعيَّة، واستقرار نسبة الهيموجلوبين، واستعادة الوعي، تقرر خروج المريض مع توفير الرعاية الصحيَّة المنزليَّة والأجهزة اللازمة لمتابعة حالته أولاً بأول، وبالتواصل مع ابنه وإبلاغه بالقرار الطبي بخروج والده رفض ذلك، ورفض تسلم التجهيزات الطبيَّة المقدَّمة له للرعاية المنزليَّة، كما رفض التعاون بنقل والده المريض إلى مركز الرعاية الممتدة (مركز النقاهة)، وشرع في تقديم الشكاوى ضد التمريض والخدمات التمريضيَّة للعديد من الجهات الحكوميَّة.
وأوضح الصحفي أنَّ المريض مبارك الغامدي يحتاج إلى رعاية تمريضيَّة وتأهيليَّة فقط، وأنَّ بقاءه بالمستشفى سيجعله عرضة للعدوى والإصابة بالأمراض المختلفة؛ نتيجة ضعف مناعته لاسيّما أنَّه كبير في السن، علماً بأنَّ مدير الشؤون الصحيَّة بمحافظة جدّة، وجّه بإبقاء المريض في المستشفى؛ نظراً لرغبة ذويه.

شرطة جدَّة
الناطق الإعلامي لشرطة منطقة مكة المكرَّمة، المقدم الدكتور عاطي بن عطية القرشي، أوضح أنَّ مركز الشرفيَّة بشرطة محافظة جدَّة، ورده خطاب من مستشفى حكومي يتضمن الإبلاغ عن ابن أحد المواطنين؛ لكون والده منوماً لديهم، وانتهت فترة علاجه ويحتاج إلى رعاية منزليَّة خاصة؛ نظراً لكبر سنه، وانتهاء فترة علاجه من طرفهم.

الرأي القانوني
المحامي راشد العمرو أوضح أن المستشفى خالف نظام المهن الصحيَّة، الذي أقره مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 3 ذي القعدة 1426هـ، وتحديداً المادة 27 في عدم تنفيذه للبرقية أو الإفادة حيال ما ترتب على حالة المريض منذ دخوله وحتى تاريخه، حيث إنَّ هذا التقصير يُعد أمراً غير نظامي، ويستلزم تدخل المديريَّة العامَّة للشؤون الصحيَّة بمحافظة جدَّة، كما أنه يحق لذوي المريض التقدم بشكوى عاجلة إلى المديرية العامة للتحقيق في الأمر، ومعرفة أسباب القصور وعدم تنفيذ برقية رئيس الديوان الملكي في نقل المريض إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي.
وأوضح المحامي العمرو أنه في مثل هذه الحالة فإنَّ الدعوى تنقسم إلى قسمين؛ أولاً: إثبات الخطأ الطبي والإفادة عن وجوده من عدمه، وثانياً: إثبات التقصير المهني في القيام بالواجبات المطلوبة حيال ما نصت عليه المادة الــ27. ومن الملاحظ في حالة هذا المريض، أن هناك تقصيراً مهنياً وطبياً يستدعي التدخل العاجل.


حقوق الإنسان
من جانبه أوضح خالد الفاخري، الأمين العام للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، أن حالة المريض مبارك الغامدي تستدعي إرسال مندوب من الجمعية للمستشفى ومعاينة الحالة، ومخاطبة إدارة المستشفى والكادر الطبي عن تدهور حالة المريض.
وأشار الفاخري إلى أن دور الجمعية في مثل هذه الحالات يكمن في متابعة شخصية من مكتب المنطقة، ومناقشة الحالة، ومتابعة الجهات المختصة؛ لضمان كمال حقوق المريض، وإن ثبت أن هناك قصوراً تجاه المريض من قِبل المستشفى من خلال تقرير مندوب الجمعيَّة، فسوف يتم رفعه إلى الجهات المختصة؛ لمحاسبة المقصرين في تقديم الرعاية الصحيَّة.