نوف الشريف.. سعودية تعيد الشباب للنباتات

9 صور

نوف الشريف، باحثة سعودية شابة، 29 عاماً، أرقتها مشكلة ملوحة التربة في السعودية، فبدأت هي ورفاقها البحث عن طريقة لتأخير ظهور علامات الشيخوخة عند النبات لزيادة المحصول، فنالت جائزة "لوريال" في العلوم و100 ألف ريال سعودي.
التقتها "سيدتي" في ردهة أحد فنادق دبي، حيث تقيم في انتظار التكريم الذي سيحدث عند المساء، بدت عفوية وخجولة، وإجاباتها مقتضبة، وبقدر السؤال كحال الكثير من دارسي العلوم، لقد كانت تعمل محاضرة في جامعة الملك عبد العزيز وبذات الوقت مازالت طالبة دكتوراه في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنيات.
سألناها عن دافعها لاختيار الملوحة لتكون موضوع بحثها، فأرجعت السبب للمشكلة التي تعاني منها السعودية في الزراعة، بسبب الظروف البيئية، والجفاف بالدرجة الأولى، وملوحة التربة بسبب طرق الري الخاطئة، وكذلك الحرارة، والعوامل البيئية الأخرى التي تؤثر على الزراعة، وتجعل مستواها اقل من المفروض.

فكرة ينبوع الشباب
أحبت فكرة البحث في مركز جديد يدعى مركز أبحاث زراعة الصحراء، والذي كان يهدف لتحسين الزراعة في السعودية، وكان في المجموعة البحثية التي تعمل فيها اهتمام وتركيز على الملوحة، ووجدت أنها تملك اهتماماً مماثلاً، ونفس الحلم فتشجعت وبدأت العمل معهم، وقد راقت فكرة ينبوع الشباب، كما أطلق على البحث، وعودة الأمل للنباتات العجوز باستعادة صباها، لنوف ورفاقها، وبدأوا البحث والاستفسار أكثر عن الموضوع، وشرحت لنا نوف بفرح طفولي كيف تم اكتشاف الجين المسؤول عن تأخير علامات الشيخوخة في النبات في العام 2012 من قبل فريق بحث ألماني، وأصبح هدف دراسة نوف اكتشاف هذا الجين أكثر والتأكد من أن النبات سيتمكن من مقاومة الظروف البيئية السيئة.

التقدم للجائزة
وتسترجع نوف كيف عرفت هي وفريقها عن جائزة لوريال للمرأة في العلوم قائلة: كان للجائزة شروط أهمها التقدم بمقترح بحثي مهم، وقد عرفنا عن الجائزة عن طريق المسؤول الأكاديمي في الجامعة وتلقينا رسالة من مجموعة "لوريال" تحتوي الشروط المطلوب توافرها وتتضمن إضافة لكتابة مقترح بحثي أن يكون لدى المتقدمة أبحاث تم نشرها من قبل وهم بعدها يقومون بالتقييم وفق معاييرهم الخاصة، وعلى أساس فكرة البحث تم اختياري من ضمن الفائزين.

لحظة الفوز
الفوز كان حاضرا في ذهنها وكانت تتوقعه، خاصة وأن البحث مشروع واعد تحتاجه السعودية والشرق الأوسط بأكمله، ولا تنسى ما حدث بعد شهرين، وتحاول إخفاء فرحتها وهي تستعيد ذكرى ذلك اليوم فتقول: تقدمت للجائزة ونسيت الموضوع، وبعد شهرين عندما أتاني اتصال غريب من دبي، نظرت في جوالي ملياً وعندما أيقنت أني لا أعرف الرقم، لم أرد، ولم يمضي الكثير من الوقت قبل أن أتلقى رسالة الكترونية تخبرني بأن بحثي وقع عليه الاختيار وسأمنح 20 ألف يورو لتطوير البحث". هنا لم تعرف نوف ما تفعله وركضت إلى أمها تزف لها الخبر، ومن ثم بدأت تكتب رسائل سريعة إلى المشرفة والبروفيسور ورفاقها في الفريق تشاركهم الفرحة.
لم نقاطع نوف وتركناها تتحدث عن تلك اللحظات بتأثر لنسألها بعدها في ما إذا كان لديها تصور كم ستزداد نسبة الإنتاج في ما لو استطاع فريقها التوصل للجين المؤخر لعلامات شيخوخة النبات، واعترفت قائلة: "كأرقام لا أعرف بعد ومازلنا بحاجة لمزيد من التجارب، ونقوم بالبداية بتجارب على نباتات اختبار، وبعدها ستكون تجاربنا على نطاق واسع وستكون ميدانية، وسنتجه لنباتات أوسع، وعندما ننهي تجاربنا سنكون قادرين على تحديد زيادة نسبة الإنتاج".

عنوان البحث (ينبوع الشباب) كان موحياً فسألنا نوف فيما إذا كانت تتوقع أن يصبح البحث الذي تقوم عليه مع رفاقها إلهاما لبحث جديد لينبوع الشباب على البشر، وخاصة إذا ما كانت النتائج مثمرة، وأتى ردها سريعا: "الجين هذا موجود في النبات ولكن ممكن وجود جين مشابه في الإنسان وممكن أن تكون الفكرة دافعاً للبحث عن جين الشباب لدى البشر، خاصة وأن "لوريال" تهتم بموضوع الشباب وتأخير أعراض الشيخوخة عبر منتجاتها.

حياة اجتماعية
وكان لدينا استفسار في ما إذا كانت تشعر أن انخراطها في الأبحاث والدراسة يؤثر على حياتها الاجتماعية ويسرق منها اللحظات الجميلة، فردت بتحفظ: "من الجميل أن يكون الإنسان منتجاً وسيأتي الوقت الذي أجد فيه متسعا للأوقات الجميلة، وأجمل شعور لدي الآن شعوري أني أقوم بعمل مفيد، وان لي دورا في خدمة من حولي، لكني أشعر بتقصيري واني بعيدة عن أهلي ولا أكون قربهم بكل أوقاتهم، خاصة وهم يكبرون بالسن، وألوم نفسي أحياناً.

أجواء عمل مختلطة
وعن العمل في جو مختلط أسرت نوف لـ "سيدتي" بأنه من الأكثر راحة للسيدات أن يعملن بشكل منفصل عن الرجال ولكن إذا تطلب العمل الاختلاط فلم لا، وتتابع: نحن كفريق العلم هو الفيصل وهو الحكم واشعر إن السيدات أكثر اهتماماً وحرصاً، وخاصة في العلوم فبالهم أطول وهم أكثر صبراً بينما الرجل يكون ملولاً، لكن تبقى هناك فروق شخصية، ولا اشعر إن وجود الرجال يزيد من التنافسية، وأشعر إن خلفية الشخص العملية هي التي تحكم وليس جنسه، والخبرة والتعليم. وعن امرأة تعتبرها مثلاً أعلى تجيب بلا تردد: إنها حياة سندي وأي إنسان ناجح هو ملهم لي.

وقت للفيس بوك
رغم انشغالها الدائم إلا أن نوف تجد وقتاً تمضيه على مواقع التواصل الاجتماعي، فثمة مجموعة للفريق على الفيس بوك للدردشة، وأكثر ما يكون ذلك في نهاية الأسبوع وآخر الليل، يتبادلون الأخبار والتعليقات، وقد يتجهون دون وعي للتحدث عن العمل، ونوف تجد نفسها في الفيس بوك أكثر، ولكن حتى في الفيس لا تمضي أكثر من ربع ساعة فلا وقت لديها. لكنها وفريقها يسخرون وسائل التواصل الاجتماعي للعمل، فقد قاموا بإنشاء مجموعة على الواتس أب لتبادل المعلومات والاستنتاجات، وكذلك يتواصلون مع المعامل الأخرى الموجودة في البلدان الأخرى، وتسر نوف: "من الممتع أننا أحياناً نجد من يقدم لنا بحثاً أو يساعدنا عبر مواقع التواصل".
حلم قادم
تختصر نوف حلمها بقولها: احلم أن أكمل رسالة الدكتوراه، وأعود لجامعتي وأعمل فرق بحث، خاصة واني مدرسة بالجامعة وأحب أن أنقل للطالبات تجربتي وما تعلمته، أما حلمي الأكبر فهو أن نكون قادرين على تقديم الفائدة للسعودية وأن نصل لمصاف الدول الأخرى في الأبحاث والعلوم.