السن المناسب للزواج.. جدل بين الجنسين

جدل ليس جديداً يثار دوماً في أوساط المجتمع السعودي حول زواج القاصرات، فبعدما قامت وزارة العدل السعودية برفع مشروع كامل يتضمن الأضرار النفسية والاجتماعية والصحية الناتجة عن زواج الفتيات دون سن الـ "15 عاماً" للرئاسة العامة للبحوث والإفتاء، مطالبة بإصدار فتوى تقنن زواج القاصرات، وبعدما نشرت الصحافة السعودية أن الوزارة في صدد إدراج سن الزوجين في عقد النكاح إلكترونياً بهدف المتابعة والتأكد من عمر الزوجين بهدف ضمان ضبط زواج الصغيرات دون سن الـ "15 عاماً"، خرجت فتوى مفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ لتجيز زواج القاصرات دون سن الـ"15 عاماً" وتنفي ضرورة تقنينه، مما أثار جدلاً واختلافاً في الآراء، فبينما قد يقبل بعض الآباء بتزويج بناتهم في سن صغيرة امتثالاً لبعض العادات العقيمة القديمة أو رغبة في المال وتقليل النفقة، يعتبره العديدون إجحافاً بحق الفتيات كما الوأد، فزواج القاصرات هو في حقيقته وأد للبراءة والحياة الرغيدة التي يجب أن تعيشها الفتيات بما يناسب أعمارهن.

المستشار الأسري والاجتماعي عبدالرحمن القراش يعرض لنا من خلال السطور التالية وجهة نظره تجاه هذا النوع من الزواج وتأثيراته السلبية المختلفة:

بداية يقول القراش: "تزويج الفتيات الصغيرات نوع من الوأد يمارس ليس خوفاً من العار، بل طمعاً وجشعاً وبيعاً لفلذة الكبد بثمن بخس ودراهم معدودة باسم أن الزواج لها صغيرة أحفظ لها وأقوم"، موضحاً أن المقصود به هو زواج القاصرات، أي من هن أقل من "18 عاماً"، حيث يعتقد البعض أن تواجد هذا الزواج قليل في المجتمع، على العكس فمع تزايد أعباء الحياة زاد البائعون لبناتهم دون وعي محتجين بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي عقد على أم المؤمنين عائشة وهي ابنة ستة أعوام، ودخل عليها وهي ابنة تسعة أعوام، والحقيقة أن القياس بين فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الحالة وبين ما فعله البعض في عصرنا قياس خاطئ؛ لأن المرأة في السابق كانت تبلغ وتتحمل المسؤولية ومشقة الحياة منذ نعومة أظفارها، فلا تصل للعاشرة من العمر أو تزيد قليلاً إلا كانت امرأة قادرة على تحمل مسؤولية الزوج، أما في عصرنا الحديث فالفتاة لا تنضج فكرياً وعاطفياً وتتحمل المسؤولية بشكل كبير إلا بعد سن العشرين، ناهيك عن الدلال الزائد المحيط بها، وتغير الاهتمامات بين الماضي والحاضر خصوصاً في تكاليف الزواج المبالغ فيها أو الطلبات الأخرى، كما أن رجل الأمس يختلف عن رجل اليوم من حيث إدراك الأمور والحكمة وتحمل المسؤولية، لذلك فإن قياس فعل النبي بالواقع الحالي عبث باطل.

ويضيف القراش: "أرى أن زواج الفتيات الصغيرات انتهاك صارخ لواقع المرأة وكرامتها وحرمانها من أمور كثيرة في الحياة، ومن أهمها: التعليم، والاستمتاع بالطفولة، وأرى أن السن المناسب لزواج الفتاة يكون بعد "23 عاماً" والشاب فوق "25 عاماً"، حيث يكونا ناضجين وأدركا الحياة وتعلما واكتسبا مفاهيم الزواج سواء ممن حولهما أو من خلال التعليم، ولعل الفتاة تكون قد حققت جزءاً من طموحها في بيت أهلها قبل أن تنتقل لعش الزوجية فتصدم بواقع مر، ويكون الزواج حسرة وندامة قبل أن يكون سعادة".