الحياة قطار..!!

وهاج خالد
الحياة كالقطار، عربة تجر عدة عربات متسلسلة وراءها، تقف في محطات، تأخذ أناساً من محطةٍ إلى أخرى ﻻ تنتظر أحداً، لها وقتٌ محدد للركوب ووقت آخر للنزول، وهنا قد يكون أبلغ أوجه التشابه بين القطار والحياة، فالحياة ﻻ تنتظر أحداً وﻻ تقف لأجل أحد، أنت من تحدد في أي محطة ستنزل ومع من، فلو فُرض أنك ركبت مع أحدهم، ممن تعرفهم، من محطة إلى أخرى ووصلتم إلى المحطة التي ترغبون النزول فيها، وفجأة وقف هذا الشخص ورفض النزول بحجة أنه يرغب في إكمال طريقه إلى محطةٍ أخرى، هنا أنت ﻻ تملك سوى ثوانٍ لتحديد وجهتك، إما النزول في المحطة التي تستمر فيها حياتك وإما البقاء على متن هذا القطار مع ذلك الشخص الذي «غدر» بك ولم ينزل في المحطة التي تم الاتفاق عليها فيما بينكما، حياتك كلها في هذه المحطة وفيها تستمر حياتك بالشكل الذي ترغب أنت به، ولكنك وضعت مكاناً خاصاً لذلك الشخص الذي قد يكون «لئيماً» بسبب تركك في وقتٍ حرج، مع أنك في القطار الذي ﻻ يقف لأحد وﻻ ينتظر أحداً ويُكمل طريقه كما يرغب، ولكنك لم تتعلم منه وظللت حائراً في أمرك، وضعت نفسي مكانك وحاولت أن أقرر ماذا سأفعل حينها وجدت أنني لو تركته ومشيت قد لا أجد مثل هذا الشخص «في وقت قصير» وعلّيه سأكون حينها كمن فقد عصاه التي يرتكز عليها، ولكن في الجانب الآخر القطار مليء بالناس ومحطات الانتظار يوجد فيها أناس أكثر، ناهيك عن البشر خارج القطار ومحطاته، فلا يعقل أن من بين هذه البشرية لن أجد شخصاً مثل الذي «تركته» في القطار..!! هذه كانت ردّة فعلي السريعة أثناء كتابة هذا المقال وحتى بعد كتابته راجعت نفسي مراراً وتكراراً، ماذا كنت سأفعل إن وجدت نفسي في مثل هذا الموقف، فلم أجد خياراً يناسبني غير أنني سأترك الشخص المزعوم في داخل القطار جزاءً له ولعناده؛ لأنني أعلم وبشدة أنه سيضيع من غيري، أولاً لأنه ﻻ يعرف التعامل مع القطار ومحطاته، وثانياً لأن تذكرته معي، فحتما إن أتى مفتّش التذاكر ولم يجد تذكرته معه فسيقوم بطرده فحينها سيكون نادماً على أنه لم ينزل معي «باب ما جاء في النذالة». وحتى إن أكمل رحلته حتى الوصول إلى المنطقة التي لا يعلم ما هي أو كيف هي، فبالطبع سيشعر بالضياع؛ لأنه إن كان راكباً معي القطار؛ كي يذهب معي للمحطة التي سأذهب إليها، وليس له رغبة في النزول في أي محطة فهذا يدل على أنه مغمض عينيه سائر على خطاي وإن افتقدها ضاع! يبقى السؤال لك عزيزي القارئ علّي أن أجد منك إجابة وتحليلاً لو كنت في هذا القطار مع هذا الشخص، ماذا ستفعل وكيف ستكون ردة فعلك؟!!