في انتظار عودته!

عبد الله باجبير

أنا طبيبة في السادسة والعشرين.. تعرفت منذ ثلاث سنوات على رجل يكبرني بعامين عن طريق الإنترنت.. لمدة شهرين.. ثم تحادثنا هاتفيًا أحبني وأحببته خلال أسبوع واحد، وقبل أن نرى بعضنا تقدم لخطبتي.. وتمت إجراءات الخطوبة سريعًا.. ليعقد قراننا بعد سنة.. كنا أسعد شخصين، أغرقني بهداياه وحبه.. بل نقل مكان إقامته لمدينتي؛ كي لا يبعد عني لحظة.. أخبرته فور تعارفنا عن حبٍّ قديم عشته أيام الدراسة مع زميل كان يساعدني، لكنه لم يهتم بالأمر، بل أصرَّ على الارتباط بي وكأنه لم يسمع شيئًا.. حدثت لدينا ظروف سيئة نتيجة وفاة أخي فتأخر زواجنا.. وتغير حبيبي.. أصبح أكثر ابتعادًا وجفاءً.. تراجعت مشاعره ولهفته وكذلك حبه.. حينها كنت أتلقى معاكسات تليفونية، أحيانًا يكون رجلاً وأحيانًا امرأة.. فاستشرته فنصحني بتغيير رقم جوالي.. وهذا ما حصل فعلاً.. ازدادت فترة الجفاء بيننا، حاولت معرفة الأمر فتحجج بأموره الماديَّة، بل نصحني بالارتباط بغيره وعدم انتظاره فرفضت.. والده طالبه بإتمام زواجه مني فورًا، لكنه رفض وما أثار غضبي وثورتي عندما نطق باسم فتاة غيري وهو يكلمني.. بعد السؤال والتفتيش علمت أنَّها جارته، والمصيبة أن البواب أخبرني أنَّه يعيش معها.. وصلت لرقم هاتفها لأتبيَّن أنَّها هي من كانت تعاكسني.. ومعها أسرتها فواجهته بالأمر برمته بأنَّه على علاقة مع غيري وتعاكسني وكان يعرف، بل أخذت رقمي منه.. أنكر وأكد حبه الكبير، لكنه لا يستطيع الزواج مني.

أعطيته فرصة أخيرة وأخبرته أنني سأنسى.. أسامحه وأطوي هذه الصفحة من حياتنا.. ونبدأ من جديد، لكنه رفض متحججًا بأنَّ أسرتي علمت بكل هذه القصص وبأي وجه يعود من جديد.. لست أدري.. حتى أنني بت أخشى بأن يكون معمولاً له عمل أو شيئ من هذا القبيل؛ لأنَّه كلما دخل بيتنا يشعر بغثيان ودوخة ويغادرنا متعبًا.

 

ماذا أفعل سيدي أرجوك أخبرني.. هل أنتظره؟ هل يحتاج لمساعدتي؟ وهل عليَّ الصبر والوقوف إلى جانبه؟ هل هي نزوة عابرة وسيعود لسابق عهده؟ أرجوك أخبرني ماذا أفعل؟!

 

الجرس

اسمعي يا ابنتي؛ قصتك كلها دخلت في نفق مظلم لن تضيئه كهرباء الدنيا كلها. 

وبداية كان خطأ أن تحدثيه عن زميلك أو صديقك السابق. وأؤكد لك أن شبح صديقك القديم هو السبب في التغيير المذهل الذي لحق بهذا الرجل. إنَّ الرجل يتصور أو يتمنى أن يكون الرجل الأوحد في حياة حبيبته. وبالطبع زوجته. فإذا لم يتحقق له هذا الشرط يبدأ في التغيير حتى المكان إلى الرفض الكامل للإنسانة التي عرفها.. والحل صغير، لكن ليس مستحيلاً.

حاولي محو شبح صديقك القديم من ذاكرته. هوني عليه. قولي له إنَّه لم يكن حقيقيًا. قولي إنَّك كنت تحاولين إثارة غيرته.. فإذا استطعت أن تمحي أثر الصديق فربما تستعيدين هذا الرجل.. فإذا لم تتمكني من إتمام المهمة فعليك نسيانه.. هذا كل شيء.