طعم الحياة

عبد الله باجبير

أنا زوجة في الثانية والثلاثين.. تزوجت منذ ثلاثة عشر عامًا.. ولدي طفلان.. مررت بمراحل مريرة وعصيبة.. ولله الحمد ملجأي الله سبحانه وتعالى.. وعصاميتي في حل مشاكلي تجعلني أكثر تركيزًا على إصلاح نقاط الضعف.. لكن في الفترة الأخيرة، ينتابني إحساس واحد.. أن الحياة لا طعم لها.. فأجمل أمنياتي التي سعيت إليها تحققت، واستجاب الله لدعواتي كلها.. لكن الحياة لا طعم لها.. أسألك وأعرف الإجابة تمامًا، وهي أن أبحث عن عمل يناسب خبرتي وشهادتي الجامعية، أو أدخل عدة دورات لشغل وقت الفراغ.. نعم هذا ما فعلته ليقيني أنه الحل السليم.. وفعلاً التحقت بعدة دورات لأنني طموح ولدي موهبة الكتابة وأجيد فنون الأقمشة، وتصميم المجوهرات، وتغليف الهدايا، والديكورات الداخلية، لن أطيل عليك.. منذ فترة مررت بمرحلة صعبة، انفصلت على أثرها عن زوجي ثلاثة أشهر، قضيتها عند أهلي.. بعد أن جاءتني رسالة على جوالي مفادها أن زوجي على علاقات نسائية متعددة، وآخرها فتاة يريد الزواج منها.

تقبلت الموضوع برحابة صدر، ولملمت ملابسي وأشيائي بشكل نهائي، وغادرت منزلي، وقبل الرحيل طلبت منه أن أعانقه للمرة الأخيرة، فأخذني بين أحضانه وبكيت بكاءً مريرًا بللت دموعي قميصه، وتمنيت له السعادة.

لكن ما إن وصلت لبيت أسرتي، حتى كرهته كرهًا تغلغل حتى جذور قلبي.. فهذه ليست المرة الأولى، لطالما سمعت عن خياناته وغفرت مرة واثنتين وثلاثًا.. حتى مللت منه وخيّرته بيني وبينها، وكانت صدمتي عظيمة أنه تنازل عني وبقوة وإلحاح.. لكن بضغط من أسرتي.. عدتُ إليه بعد ثلاثة أشهر.. عدت مُكرهة، فعدنا جسدين بلا قلبين، لأن صدمتي بتنازله عني كانت فظيعة.. الصدمة الأخرى التي هزتني، أنني فترة انفصالي بحثت عن حبيبي السابق، أول حب في حياتي قبل الزواج، فعرفت أنه تزوج وأنجب.. وما آلمني أنه بحث عني طويلاً بعد زواجي، لكن أسرتي أخفت الأمر عني، فتزوج وأصبحت له حياته.

تبلدت مشاعري.. توقفت حياتي.. أصبحت أعيش تحت تأثير مهدىء.. لا أشعر بطعم أي شيء في الحياة.. تصرفاتي باتت غريبة.. أفتح دولاب ملابسي وأرمي ما فيه في النفايات.. أؤخر صلاتي.. أحب المنافسة في كل شيء.. والأغرب من كل هذا أنني عندما أنظر إلى المرآة، أشعر بأنني تقدمت بالسن، بل أشبه القرد أو المسخ!!

ورغم جمالي، أشعر بحاجتي لعمليات التجميل.. أرتدي أغلى الملابس والماركات، لكنني أجدها رخيصة بلا معنى.. أهرب من منظر الناس.. زوجي تغيّر، أصبح طيب المعشر ويحاول إرضائي بكل الطرق.. لكنني لم أعد أحبه.. أريد أن أهرب منه لأي مكان خارج المدينة.. السفر أو الإقامة عند أسرتي.. لا أستطيع العيش دون الحب، ولا أعرف النفاق والمجاملة وإدعاء المشاعر الكاذبة.

أحتاج إلى أن أجدد دمي.. أن أغير حياتي.. لا أخفيك أنني غير حاقدة على خيانات زوجي، بل التمست له الأعذار.. لأنه يحاول إثبات رجولته لأي فتاة.. وللتوضيح فهو عاجز جنسيًا ولا يتم اللقاء بيننا لأكثر من شهر وقد يمتد لثمانية أشهر.

ومن الأمور الغريبة التي أعيشها في هذه المرحلة، بقائي لفترة طويلة داخل الحمام أو أتعمد الجلوس في الظلام لفترات طويلة وهذا ما يريحني.. وأصبحت قليلة التركيز وكثيرة النوم.. عوارض جديدة لم أعشها من قبل.. فماذا أفعل؟.

أرجوك أخبرني.. أريد أن أستعيد تيار نفسي.. وأعيد للحياة طعمها.. وهل الحياة جميلة حقًا؟!

خلود

 

اسمعي يا عزيزتي خلود.. إن حياتك مزدحمة بالأحداث ومن الصعب إعادة الأمور إلى نصابها.. أي أن تعيشي حياة عادية.. وليس عندي حل.. وما تعانينه نسميه أحيانًا خللا ميتافيزيقيًا.. أي ليست له جذور واقعية.. وأرى أن تذهبي فورًا إلى طبيب نفسي.. إنه الوحيد الذي قد يحيل هذا الاختلال إلى التوازن.. والله معك.

 

أشياء أخرى:

«المناقشة: وسيلة لتأكيد أخطاء الآخرين».