العنف الأسري.. أسرار وخفايا!

عبد الله باجبير

 

تتنوع حكايات العنف.. أشكاله وألوانه.. وتختلف صوره من رجل لرجل، ومن زوج لآخر.. لكن كيف ينشأ العنف في النفوس والبيوت؟! من يزرع بذوره؟! هل الزوج الذي ينهال على زوجته ضربًا تحركه صورة والده وهو يضرب والدته؟! كيف يترعرع هذا الشعور في صدر الرجل ووجدانه؟! أتمنى أن نتغلغل في أعماق هؤلاء الذين يتفاهمون بأيديهم وأرجلهم وأصواتهم العالية.. إنها حكاية طويلة لن تنتهي ما لم تجتث من جذورها.. وما لم تصدر القوانين التي تردع هؤلاء المتوحشين.

مركز رؤية للدراسات الاجتماعية.. وهو مركز غني عن التعريف، يكفي اهتمامه بهذه القضية الاجتماعية المهمة.. كشف المركز أن 93% من النساء المتزوجات في بلادنا يتعرضن للعنف على أيدي أزواجهن.

لماذا؟. وكيف؟ وما أسبابهم؟ تساؤلات كثيرة سنحاول أن نلم ببعضها.. الزوج ضعيف أمام أمّه وأشقائه، خصوصًا أنه يقيم وزوجته في منزل العائلة، حيثُ تتوزع الأسر في شقق العمارة.. يريد أن يثبت لهم أنه رجل البيت.. وأنه ليس ضعيفًا ولا منقادًا لزوجته.. علمًا بأنه ضعيف أمام أمّه ومنقاد لها؛ لأنها الكل في الكل في المنزل.. وهنا يظن الزوج أنه نجح في إبقاء صورة الرجولة ناصعة أمام أشقائه ووالديه.. لكن ماذا عن الزوجة ألا تراه بعينها ضعيفًا منقادًا؟! فيفقد احترامها وهيبته وتحتقره لأنه لم يحمِها ولم يُنصفها.

أحيانًا يضرب الزوج زوجته أمام خادمتها ويعنفها ويتعالى صوته بالصراخ إكرامًا لخادمته المدللة.. فيهدر كرامة زوجته وكبرياءها أمام خادمة.. فكيف تحبه وتحترمه وتطيعه بعد ذلك؟!

الدراسة تثبت أيضًا أن المرحلة العمرية للزوجة تلعب دورًا في تعرضها للعنف، إذ إن 20% من الأزواج تتراوح أعمارهم ما بين 20و 29 عامًا،

وكذلك لعمل المرأة دور كبير في توجيه العنف لها.. فقد يحقد عليها لنجاحها، فيحاول أن يمنعها من زيارة والديها، أو يفاخر بمغامراته النسائية أمامها.

الدراسات تؤكد أن السيدات اللاتي لا يعملن هن أكثر تعرضًا للضرب بنسبة 60%، وأن الأزواج والزوجات أصحاب الدخول المرتفعة لديهم مرونة أكثر في مواجهة المشكلات الاجتماعية.. فلا يلجأون للعنف لتسوية منازعاتهم بقدر ما يلجأون إلى المساومة والتفاوض.

وأن العلاقات الأسرية التي تبنى تحت مظلة القرابة تلعب دورًا مهمًا في تحجيم مشكلة العنف الأسري.. فهذا يعمل حسابًا لخاله وهذا لعمّه، وكذلك يخشى من غضب الأسرة عليه.. في الوقت الذي تتعرض فيه 50% من المتزوجات من غير أقاربهن للعنف الأسري على يد أزواجهن.

العنف يكون ضربًا وركلاً وسبابًا وشتائم بأهلها وأسرتها لإذلالها والنيل من مشاعرها تجاه من تحبهم.

عنف نفسي وجسدي واقتصادي ومعنوي، تتعدد المسميات والنتيجة واحدة.. هكذا يكون العنف.. فكيف تكون مواجهته.. والتصدي له؟! للحديث بقية!!

 

أشياء أخرى:

«الصراحة نسميها وقاحة إذا كانت نقدًا لنا»