قرار استثماري

محمد فهد الحارثي

 

هؤلاء الذين يتبرعون بثرواتهم من أجل أعمال الخير، يعيشون أسمى صور إنسانيتهم وتصالحهم مع أنفسهم. يعلموننا مفاهيم جديدة للحياة. يرسمون صوراً أخفتها ماديات العصر والنزعة الاستهلاكية التي سيطرت على مجتمعاتنا. يسعى من أجل صنع ثروة تحميه من متغيرات الحياة وتقلبات الزمن. ويحارب من أجل تحقيق النجاح. والثروة تتضخم. وبعد مشوار طويل. يكتشف أن حاجاته الحقيقية أقل بكثير من هذه الأرقام المتكدسة في البنوك. يكتشف أن الحياة فيها أشياء أهم وأعمق، ولكنه لم يكن يستطيع رؤيتها وهو في مرحلة الركض. الكبار يرون الأشياء بصورة أوضح. والكبار هنا ليسوا بثرواتهم أو بمراكزهم بل بمعادنهم وقيمهم. في رحلة البناء هم يواجهون التحدي، ويعدّونها معركة لإثباث الذات. وحينما يحققون أحلامهم وطموحاتهم. يعودون إلى جذورهم الخيَرة ويسمحون للإنسان النقي في دواخلهم لأخذ زمام المبادرة. أشخاص يتبرعون بالمليارات ويخصصون معظم ثرواتهم أو كلها من أجل مساعدة الآخرين. هي رسالة لنا أن السعادة ليست في تجميع الأموال، وإلا لكانوا احتفظوا بثرواتهم. هم يتبرعون لأنهم يشعرون بسعادة أكبر، وبرضا عن الذات. هم يدخلون مرحلة جديدة في تطور القيم الإنسانية. هم يقولون إننا حققنا ما نطمح إليه وأثبتنا أنفسنا، وها نحن نقدم كل هذا من أجلكم. هم يتخذون أهم قرارتهم الاستثمارية، يكسبون فيها السعادة في الدنيا، والأجر في الآخرة. كم هم كبار هؤلاء الأشخاص. هم يساعدوننا ليس فقط في الأموال التي يقدمونها من أجل مساعدة الناس، بل أيضاً يساعدوننا في الدروس التي نتعملها منهم. السعادة هي أن تكون ذاتك وراضياً عن نفسك. وأن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك.
اليوم الثامن: 
نستطيع أن نكون أكثر سعادة
فقط لو حاولنا أن نسعد غيرنا.