خريف العمر!

مبارك الشعلان

إننا نقضي أربعة أخماس أعمارنا في العمل؛ لنجعل الخمس الباقي حياة مريحة ممتعة!

الواحد منا أمره عجيب. فهو عندما يكون صغيراً يقضي الكثير من وقته، وهو يحلم بأن يصبح 'كبيراً'، وعندما يتحقق هذا الحلم ويصبح 'كبيراً'.

تصير 'أكبر'، أحلامه أن يعود 'صغيراً'!

وإذا كان أمر الواحد منا عجيباً فأمر الواحدة أعجب؛ فهي تقضي نصف عمرها أمام المرآة،

وهي تراقب نفسها كيف 'تكبر'. وعندما 'تكبر' تقضي نصف العمر الآخر، وهي تراقب كيف 'تصغر'!

ليس مهماً أن يكبر الإنسان أكثر؛ مما يجب عندما يكون صغيراً. المهم أن لا يصغر عندما يكون كبيراً أكثر مما يجب؛ لأنه عندما يصغر في 'الكبر' أكثر من اللازم فمعنى ذلك أنه أصبح أكثر من اللازم كبيراً في العمر وصغيراً في التصرفات.

هذا الشعور ينتاب من تجاوز خريف العمر. الذي يبدأ في الستين.

وهو العمر الذي تبدأ تتساقط فيه أوراق الأحلام فتجعل الشخص في أوروبا يتأنق ويلبس أجمل لباسه، كما لو أن لديه موعد غرام فيذهب ليجلس في الحدائق العامة. تقابله على الطرف الآخر 'شخصة' تفعل الشيء ذاته. لذلك أصبحنا نرى عواجيز أوروبا أكثر أناقة وتأنقاً من شبابها وعواجيزها أكثر إحساساً بجمال الحياة أكثر من صباياها!

هذا الأمر جعل صحيفة إنكليزية تجمع أسباباً عديدة؛ 'لتواسي' كل من بلغ الستين، تقول إن بلوغ الستين سبب للسعادة إذا أردت أن تكون سعيداً بدلاً من أن تحلم بأن تتمرغ بتراب الأحلام ومنها:

- لا تحتاج أن تقضي النوم أرقاً تتقلب على فراشك؛ لأن هناك امتحانات في الصباح، أو لأنك ستتقدم بطلب وظيفة.

- أنت تعلم في قرارة نفسك أنك مازلت شاباً ومرغوباً. المهم أن تعرف أنت قدر نفسك، وعمر نفسك. وليس مهماً ما يقوله الآخرون.

- لا يهمك أن يبعثر الهواء شعرك؛ لأنه لم يبق لديك شعر ليبعثره الهواء!

- والداك لم يعودا موجودين ليعاملاك كطفل أمام أصدقاء من عمرك!

- تزعم أنك كنت صديقاً لأشخاص مهمين من دون أن يقوم واحد ليكذبك!

- تدخن كما تشاء من دون أن تخاف من علاقة الأمر بالسرطان، فلم يبق في العمر بقية لتخاف عليه.

- إذا تأخرت عن موعدك أو نسيته كلياً، فستجد من يتفهم وضعك!

- لم يعد يهمك أن تظل صغيراً، ولا تخف من أن تكبر؛ لأنك كبرت بما يكفي!

- لن تستدعى للخدمة العسكرية حتى لو قامت حرب عالمية جديدة!

- لا تنزعج عندما تقول لك حسناء لا، أو إنك كبر جدها؛ لأنك بالفعل كبر جدها!

- تحب أن تكون 'جَدّاً'، ولكن تكره أن تنام إلى جانب 'جده'.

- لست مضطراً إلى مواكبة الموضة؛ لأن ثيابك القديمة عادت 'موضتها'.

- تكذب على 'راحتك' من دون أن ينغص عليك أحد في أكاذيبك، يكفي أن تجمع أحفادك، وتقول لهم إن تشرشل كان صديقاً شخصياً لك.

- أولادك لم يعودوا طلاباً، وبالتالي لا حاجة إلى أن يكون بيتك قرب المدرسة!

- الأهم في كل ذلك أنك في الستين ولم تصل بعد إلى السبعين.

- تقرأ عمود الوفيات، وتسعد ألا تجد اسمك فيه!

شعلانيات :

. الصمت أفضل من النقاش مع شخص تُدرك جيداً أنه سيتخذ من الاختلاف معك حرباً لا محاولة فهم.

. اجعل علاقتك مع الناس كأوراق الشجر؛ من يبقى يُثمر ومن يسقط لا يعود.

. الأصدقاء بالمواقف وليس بالسنين.

حقيقة ستدركها يوماً ما..!

. أصبحنا نعرف نوعية الناس.. بحديثهم عن الناس.. لا بكلامهم عن أنفـسهم!.