المرحلة الجديدة

محمد فهد الحارثي

 

أعترف لك أن الزمن الذي أخذني منك قربني إليك أكثر. وأن المسارات التي مشيتها سرقت من العمر أزماناً ولم تعط شيئاً. حقائق جديدة اكتشفتها، ربما كانت واضحة أمام عيني لكنني لم أرها. ما أصعب أن نكتشف أن ما نريده كان بين أيدينا، وأننا انشغلنا بالوهم عن الحقيقة، وبالخيال عن الواقع. ما أصعب أن نرسم تصورات كثيرة، وحينما نصل إلى الشاطىء نكتشف أنها جزيرة صغيرة، لاتحتمل حتى النزول عندها. وأن ما تركناه هناك هو فقط الذي يستحق الرحيل والشوق والانتظار. ما أصعب أن تجرح وردة، فكيف يمكن أن أجرحك وأنت أرق وأجمل. ما عساي أن أقول وأنت النقاء في أزهى صوره. روحك الخير، كلماتك الحب، وأسلوبك التسامح. أنت السعادة تعطيها لمن حولك؛ فتصبح مثل الظل لك تتبعك أينما كنت. أعلم أن هذه الحقائق كانت أمامي، ولكن غابت البصيرةن وشغلني بريق اللحظة عن عمق الزمن. أنظر إلى من حولي وهم يركضون. تصبح حياتهم أسيرة لأطماعهم، ورغباتهم هي بوصلتهم. أشفق عليهم. لا يعلمون كيف هم يهدرون العمر. كيف ينشغلون بالهامش وينسون المتن. شكراً لك لأنني أصبحت أرى ما لايرون. رحلتي معك علمتني الكثير، وأدخلتني مرحلة النضوج والتصالح مع النفس. معك تعرفت إلى الأشياء من جديد. وأدركت أن السعادة حق لنا، نحن نستكثر لحظات السعادة على أنفسنا. لم تعد تشغلني مشاريع الغد لأنه بوجودك في حياتي حققت في حاضري كل طموحات الغد. .. ترى هل يمكن أن نتجاوز ماحصل، وهل لو تسامحنا تعود النفوس كما كانت؟ أتمنى. فهذه مرحلة لن تطول كثيراً. فالحياة لاتتطلب منا التشدد والحسابات المقننة. التسامح والمرونة يفتحان فضاءً جديداً يغذينا بالسعادة ويبعد عنا المرارة والحزن. اعترافاتي ليست للاعتذار، فبعض الاعتذارات تجرح أكثر مما تداوي. اعترافاتي هي لتسجيل حقائق.. والحقيقة الأهم أنك أنت فقط من تستحقين أجمل الكلمات والمشاعر وكل مشاوير السفر والترحال.

اليوم الثامن: 
يقولون الإنسان عدو نفسه... 
وفي خطوتي الأولى بعيداً عنك أدركت حقيقة هذه العبارة.