«أعتقد أن هذا كافٍ»، هذه العبارة المقتضبة بكل ما تحمله من أبعادٍ مختلفة، مختنقة، ومعقدة جدًا في عاطفتها وشعورها، قد تمنحك بعض السلام حينما تقولها كصفعةٍ لوجهِ من تحب، تقولها معلنًا عن النهاية، عن كل النهاية الحتمية، المؤكدة، والأكيدة من حالةٍ لا تناسبك، من مأزقٍ أكبر منك، ومن أحلامك، من ظرفٍ لا يمثلك، من علاقة لم تعد تشعرك بالحب، بالسلام وبك.
«هذا كافٍ جدًا» أكتبها مع كل الخيبة، مع كل العتب، مع كل التعب، مع كل احتضار لم يتم، ولن تغريه الحياة قط، «هذا كافٍ» أكتبها نيابةً عن صوتي المرتبك، عن قلق النوافذ، عن جفاف عيني من كل دمعٍ لم يعد يؤثر به غيابك، أكتبها في المقدمة حتى تعلم جيدًا بأني لم أعد أملك متسعًا آخر للحب، أو لمرض الحب. «هذا كاف جدًا» عليك، وعليَّ، وعلى كل دخلاء الحب، وأبطاله المزيفين.
«لم يعد كافيًا» أن أستعيدني، أن أحترق، أن أمضي، أن أتوقف، أن أصرخ، أن أثرثر، أن أتظاهر، أن أعترف، أن أبتعد أكثر، أن أصفح، أن أتصالح، أن أغني، أن أحلم، أن أحب، أن أبكي، أن أتأثر، أن أؤثر، أن أثق، أن أنتظر، أن أسافر، أن أختفي، أن أتقبل العدم، أن أصمت عن كل ما بدر، وعن كل ما سيبدر مني، منهم ومنك كي أحبك من جديد.
«لم يعد كافيًا» أن أتعايش مع كل هذا الانهيار الذي بداخلي، فقط كي لا تلوح لي مودعًا وكأن لا شيء من بعدك سيكون، أو سيعاش.
«لم يعد كافيًا» أن أشعر بعظمة الحب، وأنا أكثر من يفتقره ويفقده، وأنت أكثر من لا يفقه به.
«لم يعد كافيًا» صوتك البارد، رسائلك القصيرة، وكل بقائك المزعوم في إحياء كل ذكرى كانت تعني لنا الحياة، السماء بغمامها، النوارس بجوعها، الطرقات بعدم انتهائها، الأغنيات بحنانها وبؤسها، القصائد بعتابها وجنونها، الانتظار بكل تعبه وترقبه، الحب بكل ما أوتيت من خيال وبراعة في رسمِ حدوده وأحداثه، صدقني لن تنجح بإعادتي إليك من جديد..
