عليك ترويض ما يؤلمك

سلمى الجابري

نحنُ ننضج عندما نتألم، عندما نخسر من نُحبهم بتفاهة حماقتنا ومراهقة ردات فعلنا.

لماذا ننضج دومًا في الوقت الضائع وبطريقةٍ موجعة؟ لماذا يجب أن تُحقن أوردتنا بكثيرٍ من التيه؛ حتى نستيقظ من دوخة العُمر فينا؟

لماذا علينا أن نُلوح لهم بالفراق ونحنُ نشهق بهم؟

مازلنا نُقشر الحياة معهم، مازلنا في البداية، لماذا يتوجب علينا الركض الطويل دون توقف؟

ألن تُغتفر الأخطاء الدامية حتى ولو بعد حين؟ ألا يُمكنهم الصفح عنّا؟

أسئلة كثيرة تُعانق فخاخ التفاصيل، ولم يتسنَّ لنا الوقت لمصافحة الحنان بقلوبهم، وأجوبة عالقة في حناجرهم تنتظر البوح.

نحنُ غريبون جدًا بتضخم الكبرياء فينا حد دهس من نحبهم عُنوة. فالزمن يُسابق نفسه، والفرصة إن ضاعت لن تعود إليكَ باكية مُطالبة بالعودة من حيثُ رحلت، لا شيء يبقى كما هو، فمشاعرنا غير قابلة للصرف والتداول أكثر من مرة، وحتى إن عُدنا لنقطة البداية لن نعود كيفما كُنا، هنالك فجوة اتسعت بيننا وبين من نحبهم.

لذلك تشبث بالقلوب الصادقة وانضج معها لا بدونها، كن بجانب من يُحبك، واربت على مشاعرهم بالسلام والهدوء، لا داعي لارتكاب خطيئة قد تندم عليها مُستقبلا، ولن تجد حُجة كافية حتى تخفي نتوءات خذلانك لهم.

كُن الشخص الذي مهما حاولت المشاكل أن تُجعد ملامحه بـ«وهن» الحياة، مازالَ يُحافظ على ألق علاقته بأهلهِ، بأصدقائه، وجميع من يُحيط به، حاول كسب الجميع في صفك لا ضدك، وخصوصًا القلوب التي تُحيطنا بالدفء والسكينة.

صدقني مهما كان الوجع متمددًا في ظلام الذاكرة سينقشع يومًا بـ«تجلٍ» يُمحيه من تلابيب المشاعر، حد مُعاودتك للنظر إلى تلك الصور الباكية وأنت لم تعد تتأثر كالسابق!

لهذا السبب عليك ترويض ما يؤلمك بالمواجهة؛ حتى تُجهض حنقك على الذكريات الحالكة ببياضٍ مُغرٍ..